النسخ وأن ما بعد الوقت لم يكن مرادا بالأمر وليس كذلك مسألتنا لأنه إذا قال لنا صلوا إذا زالت الشمس من هذا اليوم لزمنا اعتقاد وجوبها في الوقت المذكور من غير تجويز لغيره فمتى ورد نسخه كان نهيا عن المأمور بعينه وقد بينا فساده فإن قيل فهلا أجزت ورود الأمر معقودا بشرط فعله في وقت إن لم ينه عنه ولم ينسخه فيقول صلوا عند الزوال إن لم أنسخه عنكم قيل له هذا لا يجوز لأنه يصير بمنزلة قوله قد أردته منكم إن لم أكرهه وكقوله هو حسن في ذلك الوقت إن لم يكن قبيحا وكقوله خبري هذا صدق إن لم يكن كذبا تعالى الله عن ذلك وكقوله قد أمرتكم به إن لم يبد لي في ذلك الأمر وهذا لا يقوله إلا جاهل بالعواقب وبقبح الأمر أو بحسنه لأن الأمر بالشئ ليس هو الموجب لحسن المأمور به ولا النهي عنه موجبا لقبحه وإنما يدلان إذا وردا من الله تعالى على حسنه أو قبحه لأنه الله تعالى عالم بحسن المأمور به قبل الأمر به وعالم بقبحه قبل النهي عنه فغير جائز منه جواز شرط النهي فيما علم حسنه ولا يجوز شرط الأمر فيما علم قبحه فإن قال أليس جائز فيما بيننا أن يقول الرجل لعبده ادخل الدار غدا ما لم أنهك عنه ولا يكون هذا مستنكرا عند العقلاء فما أنكرت من تجويز مثله في أوامر الله تعالى قيل له إنما يجوز هذا فيما بيننا لجواز البداء علينا والتنقل في الرأي واستحداث العلم بالأمر فجاز أن يقول الواحد منا لعبده افعل غدا كذا ما لم أنهك عنه كما يجوز أن يقول افعله إن لم بيد لي فيه والله تعالى لا يجوز عليه البدءات غير ولا استحداث العلم
(٢٣٦)