تبدل الحكم الواقعي فرارا عن المحذور المذكور، وإن كان مخالفا لظاهر أدلة الاحكام الواقعية والظاهرية وغيرها من الأخبار المذكورة.
فيظهر اندفاعه مما تقدم في أول مباحث الحجج في حقيقة الاحكام الظاهرية، ووجه عدم منافاتها للأحكام الواقعية، حيث يستغنى به عن التصويب بل مقتضى ما سبق هناك عن ابن قبة من استحالة التعبد بغير العلم لاستلزامه تحليل الحرام وتحريم الحلال، كون بطلان التصويب أظهر من نصب الطرق الظنية، لوضوح ابتناء المحذور المذكور على عدم التصويب.
على أن منافاة الحكم الظاهري لو كانت ملزمة بالتصويب للزم البناء عليه في التعبد الظاهري بموضوعات الاحكام، مع أن المحكي عن الفصول نفي الخلاف في عدمه فيها. فتأمل.
ومما ذكرنا يظهر ضعف الوجه الثاني للتصويب، لصلوح ما سبق لرده، لان مقتضى إطلاق أدلة الاحكام الواقعية اشتراكها بين جميع المكلفين وعدم اختصاصها بمن يؤدي اجتهاده إليها.
كما أن ذلك هو مقتضى النصوص الأخرى المشار إليها انفا. كما يظهر بأدنى تأمل.
بل هو مقتض نصوص كثيرة أخرى..
منها: ما تضمن أن من يقضي بالحق وهو لا يعلم فهو في النار (1)، وأن من قال برأيه فأصاب لم يؤجر (2)، وأن من أخذ بالقياس كان ما يفسده أكثر مما يصلحه (3)، حيث فرض فيها إصابة الحق مع عدم اجتهاد معذر.