القطع بالحكم بنحو الجهل المركب، فلا يتوقف العلم بالحكم عليه بحسب الواقع - خلط، وفي غير محلها.
هذا مضافا إلى ظهور أدلة الأصول والأمارات في أن الأحكام الواقعية محفوظة في حال الشك، فإن قوله: (كل شئ لك حلال حتى تعرف الحرام بعينه) (1) يدل على أن ما هو حرام واقعا إذا شك في حرمته يكون حلالا بحسب الظاهر وفي حال الشك، وكذا قوله: (كل شئ طاهر حتى تعلم أنه قذر) (2) يدل على محفوظية القذارة الواقعية في حال الشك. وكذا أدلة الأمارات - مثل أدلة حجية قول الثقة - تدل على تصديقه وترتيب آثار الواقع على مؤداه.
وبالجملة: لا إشكال في عدم اختصاص الأحكام الواقعية بالعالم بها، كما أن الخطابات الشرعية متعلقة بعناوين محفوظة في حال العلم والجهل، فإن الحرمة قد تعلقت بذات الخمر والوجوب تعلق بذات الصلاة من غير تقيد بالعلم والجهل، فهي بحسب المفاد شاملة للعالم والجاهل كما لا يخفى.
وجه الجمع بين الأحكام الظاهرية والواقعية الثالثة: أن الخطابات - كما عرفت - وإن لم تكن مقيدة بحال العلم ولا مختصة بالعالم بها، ولكن هنا أمر آخر، وهو أن الخطابات إنما تعلق بالعناوين