المصلحة السلوكية، وفصلها المحقق المعاصر - قدس سره - على ما في تقريرات بحثه بعد رد الوجهين من وجوه السببية - بما حاصله:
الثالث: أن يكون قيام الأمارة سببا لحدوث مصلحة في السلوك مع بقاء الواقع والمؤدى على ما هما عليه من المصلحة والمفسدة من دون أن يحدث في المؤدى مصلحة بسبب قيام الأمارة غير ما كان عليه، بل المصلحة تكون في تطرق الطريق وسلوك الأمارة وتطبيق العمل على مؤداها والبناء على أنه هو الواقع بترتيب الآثار المترتبة على الواقع على المؤدى، وبهذه المصلحة السلوكية يتدارك ما فات من المكلف (1) انتهى كلامه.
وفيه أولا: أن الأمارات المعتبرة شرعا غالبها - إن لم يكن جميعها - طرق عقلائية يعمل بها العقلاء في سياساتهم ومعاملاتهم، ولا تكون تأسيسية جعلية، كما اعترف به المحقق المتقدم (2) - رحمه الله - ومن الواضح أن الأمارات العقلائية ليست في سلوكها مصلحة أصلا، بل هي طرق محضة، وليس لها شأن إلا الإيصال إلى الواقع، وليس إمضاء الشارع لها إلا بما لها من الاعتبار العقلائي، فالمصلحة السلوكية مما لا أساس لها أصلا، وهذا بمكان من الوضوح، ولا ينبغي التأمل فيه.
وثانيا: لا معنى لسلوك الأمارة وتطرق الطريق إلا العمل على طبق مؤداها، فإذا أخبر العادل بوجوب صلاة الجمعة فسلوك هذه الأمارة وتطرق هذا