سريرته وخبث باطنه بحسب نقصانه واقتضاء استعداده ذاتا وإمكانا، وإذا انتهى الأمر إليه يرتفع الإشكال وينقطع السؤال ب " لم "، فإن الذاتيات ضرورية الثبوت للذات، وبذلك أيضا ينقطع السؤال عن أنه لم اختار الكافر والعاصي الكفر والعصيان، والمطيع والمؤمن الإطاعة والإيمان، فإنه يساوق السؤال عن أن الحمار لم يكون ناهقا، والإنسان لم يكون ناطقا؟
وما أفاد - أيضا - من أن العقاب إنما يتبع الكفر والعصيان التابعين للاختيار الناشئ عن مقدماته الناشئة عن شقاوتهما الذاتية اللازمة لخصوص ذاتهما، فإن (السعيد سعيد في بطن امه، والشقي شقي في بطن امه) (1) و (الناس معادن كمعادن الذهب والفضة) (2) كما في الخبر، والذاتي لا يعلل، فانقطع سؤال:
أنه لم جعل السعيد سعيدا والشقي شقيا؟ فإن السعيد سعيد بنفسه والشقي شقي كذلك، وقد أوجدهما الله تعالى (3) انتهى.
فإنه يرد عليه: - مضافا إلى ما عرفت من وقوع الخلط والاشتباه منه قدس سره في جعل الشقاوة والسعادة من الذاتيات الغير المعللة - أن الذاتي الغير المعلل أي المهيات ولوازمها لم تكن منشأ للآثار مطلقا، فاختيار الكفر والعصيان الذي هو أمر وجودي، وكذا الإرادة التي هي من الموجودات، لم يكونا ناشئين من الذات والذاتيات التي هي المهيات، لما عرفت من أن