وقلما تكون النطفة غير ممتزجة ولا مختلطة من مواد مختلفة.
ومن الواضح المقرر في موضعه (1): أنه كلما اختلفت المادة اللائقة المستعدة لقبول الفيض من مبدئه اختلفت العطية والإفاضة حسب اختلافاتها، فإنه - تعالى - واجب الوجود بالذات ومن جميع الجهات، فهو واجب الإفاضة والإيجاد، لكن المادة الصلبة الكثيفة لا تقبل الفيض والعطية إلا بمقدار سعة وجودها واستعدادها. ألا ترى أن الجليدية (2) تقبل من نور غيب النفس ما لا يقبله الجلد الضخم والعظم، فالنفس المفاضة على المادة اللطيفة النورانية ألطف وأصفى وأليق لقبول الكمال من النفس المفاضة على المادة المقابلة لها.
وهذا - أي اختلاف النطف - أحد موجبات اختلاف النفوس والأرواح، وهاهنا موجبات كثيرة أخرى لاختلاف المواد في قبول الفيض، ولاختلاف الأرواح [في درجات] الكمال، بل إلى الوصول إلى الغاية والخروج من الأبدان:
منها: اختلاف الأصلاب في الشموخ والنورانية والكمال ومقابلاتها والتوسط بينهما، وهذا أيضا باب واسع، وموجب لاختلافات كثيرة ربما لا تحصى.
ومنها: اختلاف الأرحام كذلك، وهذا أيضا من الموجبات الواضحة.
وبالجملة: الوراثة الروحية شئ مشاهد معلوم بالضرورة.