ومنها: ما أفاده شيخنا العلامة الحائري - رحمه الله تعالى -: بأن التسلسل إنما يلزم لو قلنا بانحصار سبب الإرادة في الإرادة، ولا نقول به، بل ندعي أنها قد توجد بالجهة الموجودة في المتعلق - أعني المراد - وقد توجد بالجهة الموجودة في نفسها، فيكفي في تحققها أحد الأمرين... إلى أن قال:
والدليل على أن الإرادة قد تتحقق لمصلحة في نفسها هو الوجدان، لأنا نرى إمكان أن يقصد الإنسان البقاء في المكان الخاص عشرة أيام بملاحظة أن صحة الصوم والصلاة التامة تتوقف على القصد المذكور، مع العلم بأن هذا الأثر لا يترتب على نفس البقاء واقعا، ونظير ذلك غير عزيز (1) انتهى.
وفيه أولا: أنه بذلك لا تنحسم مادة الإشكال، فإنا لو سلمنا أن الإرادة في الجملة تحصل أبا لإرادة، لكن إرادة هذه الإرادة هل هي إرادية، وهكذا إرادة إرادة الإرادة، أم لا؟ فعلى الأول تتسلسل الإرادات إلى غير نهاية، وعلى الثاني عاد المحذور من كون العبد ملجأ مضطرا.
وثانيا: أن ما اعتمد عليه من المثال الوجداني مما لا يثبت مدعاه، فإن الشوق بالتبع لابد وأن يتعلق ببقاء عشرة أيام، وإلا فلا يعقل تحقق قصد البقاء، ففي المثال - أيضا - أنه يريد البقاء، لا أنه يريد إرادة البقاء، وذلك واضح جدا.
ومنها: ما قيل: إن المراد إرادي بالإرادة، والإرادة مرادة بنفس ذاتها، كالوجود إنه موجود بنفس ذاته، والعلم معلوم بنفس ذاته (2).