الاعتبارية والذاتيات الاختراعية، فأتم الوجودات وأكملها يكون خيرا مطلقا مبدأ كل الخيرات، وسعيدا مطلقا مصدر كل السعادات، وكلما بعد الموجود عن مبدأ الوجود وصار متعانقا بالأعدام والتعينات بعد عن الخير والسعادة.
هذا حال السعادة.
وأما الشقاوة مطلقا فعلى قسمين:
أحدهما: ما هو مقابل الوجود وكماله، فهو يرجع إلى العدم والنقصان.
وثانيهما: الشقاوة الكسبية التي تحصل من الجهالات المركبة والعقائد الفاسدة والأوهام الخرافية في الاعتقاديات، والملكات الرذيلة والأخلاق الذميمة كالكبر والحسد والنفاق والحقد والعداوة والبخل والجبن في الأخلاقيات، وارتكاب القبائح والمحرمات الشرعية كالظلم والقتل والسرقة وشرب الخمر وأكل الباطل في التشريعيات.
وهذا القسم من الشقاوة له صورة في النفس وملكوت الباطن، وبحسبها حظ من الوجود مخالف لجوهر ذات النفس والفطرة الأصلية لها، وستظهر لأهلها في الدار الآخرة - عند ظهور ملكوت النفس، والخروج عن خدر الطبيعة - موحشة مظلمة مؤلمة معذبة إياها، ويبقى أهلها في غصة دائمة وعذاب خالد، مقيدين بسلاسل على حسب صور أعمالهم وأخلاقهم وملكاتهم وظلمات عقائدهم وجهالاتهم، حسبما هو المقرر عند علماء الآخرة (1) وكشفت عن ساقها الكتب السماوية، ولا سيما الكتاب الجامع الإلهي والقرآن