في كونه وجودا وموجودا إلى جعل، ففي الحقيقة كونه موجودا ووجودا ليس شيئا محققا بهذا المعنى المصدري، بل هو من المخترعات العقلية، وإذا أريد بكونه موجودا أو وجودا نفس الحقيقة النورية الخارجية، فهو يرجع إلى نفس هويته المجعولة بسيطا.
فاللازم في باب الوجود لو اطلق لا يكون بمثابة اللازم في باب المهيات من كونه غير مجعول، بل لازم الوجود - أي الذي هو من سنخ الوجود مطلقا - مجعول ومعلل. ألا ترى أن أساطين الفلسفة قد جمعوا بين المعلولية واللزوم، وقالوا: إن المعلول لازم ذات العلة (1).
الثالثة: أن من المقرر في مقاره (2): أن المهيات بلوازمها ليس منشأ لأثر من الآثار، ولا علية ومعلولية بينها حقيقة أصلا، فإن قيل: إن المهية الكذائية علة لكذا، فهو من باب المسامحة، كما قيل: إن عدم العلة علة لعدم المعلول، فإذا رجعوا إلى تحقيق الحال أقاموا البرهان المتقن على أن المهيات اعتباريات ليست بشئ، والعدم حاله معلوم.
فالتأثير والتأثر أناخا راحلتيهما لدى الوجود، وإليه المصير، ومنه المبدأ والمعاد، وهذا يؤكد عدم معلولية الذات والذاتيات في الممكنات، فإنها من سنخ المهيات المحرومة عن المجعولية والفيض الوجودي، فالمفيض والمفاض هو الوجود لا غير.