وبالجملة: الإنسان من جملة المعادن في هذا العالم الطبيعي، واختلافه كاختلافها.
وأما قوله: (السعيد سعيد...) فقريب من مضمونه موجود في بعض الأخبار، فهو - أيضا - على فرض صدوره لا ينافي ما ذكرناه، بل يمكن أن يكون من المؤيدات، فإن اختلاف إفاضة الصور باختلاف المواد وسائر الاختلافات التي قد عرفتها، فالصورة الإنسانية التي تفاض على المادة الجنينية في بطن امه تختلف باختلافها، بل جعل مبدأ السعادة والشقاوة هو بطن الام شاهد على ما ذكرنا، ولو كانتا ذاتيتين فلا معنى لذلك. تأمل.
ويمكن أن لا يكون هذا القول ناظرا إلى تلك المعاني، بل يكون جاريا على التعبيرات العرفية، بأن الإنسان السعيد يوجد أسباب سروره وسعادته من أول الأمر، والشقي يوجد أسباب شقائه ونكبته من أول أمره.
ويحتمل بعيدا أن يكون المراد من بطن الام هو عالم الطبيعة، فإنه دار تحصيل السعادة والشقاوة.
هذا ما يناسب إيراده في المقام، ولكن يجب أن يعلم أن لتلك المسائل وأداء حقها مقاما آخر، ولها مقدمات دقيقة مبرهنة في محلها، ربما لا يجوز الدخول فيها لغير أهل فن المعقول، فإن فيها مزال الأقدام ومظأن الهلكة، ولذا ترى ذلك المحقق الأصولي - قدس سره - كيف ذهل عن حقيقة الأمر، وخرج عن سبيل التحقيق.