إرادته - تعالى - عين ذاته، والقادر ما يكون بحيث إن أراد الفعل صدر عنه الفعل وإلا فلا، لا ما يكون إن أراد الإرادة للفعل فعل وإلا لم يفعل (1) انتهى.
أقول: إن من الواضح الضروري عند جميع [أفراد النوع] الإنساني أن الفعل الصادر عن اختيار وعلم وإرادة موضوع لحسن العقوبة إذا كان على خلاف المقررات الدينية أو السياسية المدنية عند الموالي العرفية، والعقلاء كافة يحكمون باستحقاق عبيدهم [العقوبة] بمجرد فعل مخالف للمولى اختيارا منهم، وهذا حكم ضروري عندهم في جميع أمورهم، وليس هذا إلا لأجل أن الفعل الذي [هو] موضوع حسن العقوبة عندهم هو الفعل الصادر عن علم وإرادة واختيار، وإن لم تكن تلك المبادئ بالاختيار، والعقلاء لا ينظرون ولا يلتفتون إلى اختيارية المبادئ واراديتها وكيفية وجودها، بل الملتفت إليه هو الفعل الصادر، فإن كان صادرا عن اختيار يحكمون على فاعله باستحقاق المثوبة أو العقوبة، بحيث تكون تلك الشبهات في نظرهم شبهات سوفسطائية في مقابل البديهة.
فلو قيل: إن الفعل الاختياري ما يكون مبادئه اختيارية، فلا وجه لاختصاص الاختيارية بالإرادة، بل لابد من الإسراء بها إلى كل ما هو دخيل في وجود الفعل من وجود الفاعل وعلمه وشوقه وارادته، فيلزم أن لا يكون فعل من الأفعال اختياريا حتى فعل الواجب - تعالى شأنه - فلابد من محو كلمة الاختيار من قاموس الوجود، وهو ضروري البطلان.