الأصولية - من العوارض الذاتية لها بالمعنى الذي ذكرنا، فعلى هذا يكون البحث عن حجية الخبر الواحد وغيره بحثا عن العرض الذاتي التحليلي للحجة، وتكون روح المسألة أن الحجة هل هي متعينة بتعين الخبر الواحد، أم لا؟
وبالجملة: بعدما يعلم الأصولي أن لله - تعالى - حجة على عباده في الفقه، يتفحص عن تعيناتها التي هي العوارض التحليلية لها، فالموضوع هو الحجة بنعت اللا بشرطية، والمحمولات هي تعيناتها.
وأما انعقاد البحث في الكتب الأصولية بأن الخبر الواحد حجة، أو الظاهر حجة، وأمثال ذلك، فهو بحث صوري ظاهري لسهولته، كالبحث في الفلسفة عن أن النفس أو العقل موجودان، مع أن موضوعها هو الوجود، وروح البحث فيها: أن الوجود متعين بتعين العقل أو النفس أو الجوهر أو العرض.
هذا، مع أنه لو كان البحث في حجية الخبر الواحد هو بهذه الصورة، فأول ما يرد على الأصوليين: أن الحجة لها سمة المحمولية لا الموضوعية، كما أن هذا الإشكال يرد على الفلاسفة أيضا، ونسبة الغفلة والذهول إلى أئمة الفن والفحول غفلة وذهول.
بل لنا أن نقول: إن الموضوع - في قولهم: موضوع كل علم ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتية (1) - ليس هو الموضوع المصطلح في مقابل المحمول،