عارض المهية ذهنا، صحيح، وان قيل: المهية عارض الوجود فإنها تعينه، صحيح، حتى قيل: " من وتو عارض ذات وجوديم ".
وإن شئت زيادة تحقيق لذلك، فاعلم: أن العرض له اصطلاحان:
أحدهما: ما هو المتداول في علم الطبيعي، والمقولات العشر، وهو مقابل الجوهر، وهو الحال في المحل المستغني.
وثانيهما: ما هو مصطلح المنطقي في باب الكليات، وهو الخارج المحمول على الشئ، أي ما هو متحد مع المعروض في الخارج، ومختلف معه في التحليل العقلي، ومأخوذ على نحو اللا بشرطية.
والذاتية والعرضية في هذا الاصطلاح تختلف بحسب الاعتبار، بخلافهما في الاصطلاح الأول، فإنهما أمران حقيقيان غير تابعين للاعتبار، مثلا إذا لوحظ الحيوان والناطق من حيث كونهما جزأين للماهية الإنسانية، فهما جنس وفصل وذاتيان للماهية، وإذا لوحظا من حيث اختلافهما في العقل واتحادهما في الخارج، يقال: كل منهما عارض للآخر، فالجنس عرض عام، والفصل عرض خاص، وبهذا الاعتبار كل من الوجود والماهية عارض للآخر.
إذا عرفت ذلك فاعلم: أن موضوع علم الأصول هو الحجة في الفقه، فإن الفقيه لما رأى احتياجه في علمه إلى الحجة توجه إليها، وجعلها وجهة نفسه، وتفحص عن تعيناتها التي هي الأعراض الذاتية التحليلية لها المصطلحة في باب الكليات الخمس، فالحجة بما هي حجة موضوع بحثه وعلمه، وتعيناتها - التي هي الخبر الواحد والظواهر والاستصحاب وسائر المسائل