واما تفضيل الكلام في موقعي الاستدلال فيقع في مقامين:
المقام الأول: في الموقع الأول، والكلام فيه في جهات:
الأولى: ان الظاهر من جواب الامام تطبيق الاستصحاب لا قاعدة اليقين، وذلك لان تطبيق الامام لقاعدة على السائل متوقف على أن يكون كلامه ظاهرا في تواجد أركان تلك القاعدة في حالته المفروضة، ولا شك في ظهور كلام السائل في تواجد أركان الاستصحاب من اليقين بعدم النجاسة حدوثا والشك في بقائها، واما تواجد أركان قاعدة اليقين فهو متوقف على أن يكون قوله: فنظرت فلم أر شيئا... مفيدا لحصول اليقين بعدم النجاسة حين الصلاة بسبب الفحص وعدم الوجدان، وأن يكون قوله: فرأيت فيه: مفيدا لرؤية نجاسة يشك في كونها هي المفحوص عنها سابقا. مع أن العبارة الأولى ليست ظاهرة عرفا في افتراض حصول اليقين حتى لو سلمنا ظهور العبارة الثانية في الشك.
الجهة الثانية: - ان الاستصحاب هل أجري بلحاظ حال الصلاة أو بلحاظ حال السؤال؟. وتوضيح ذلك: ان قوله: فرأيت فيه. ان كان ظاهرا في رؤية نفس ما فحص عنه سابقا فلا معنى لاجراء الاستصحاب فعلا، كما أن قوله: فنظرت فلم أر شيئا. إذا كان ظاهرا في حصول اليقين بالفحص فلا معنى لجريانه حال الصلاة.
والصحيح: انه لا موجب لحمل قوله: فرأيت فيه. على رؤية ما يعلم بسبقه، فان هذه عناية إضافية تحتاج إلى قرينة عند تعلق الغرض بإفادتها، ولا قرينة، بل حذف المفعول بدلا عن جعله ضميرا راجعا إلى النجاسة المعهود ذكرها سابقا يشهد لعدم افتراض اليقين بالسبق. وعليه فالاستصحاب جار بلحاظ حال السؤال، ويؤيد ذلك أن قوله: (فنظرت فلم أر شيئا) وإن لم يكن له ظهور في حصول اليقين.. ولكنه ليس له ظهور في خلاف ذلك، لان إفادة حصوله بمثل هذا اللسان عرفية. فكيف