بتصدي المولى لتحصيله التشريعي، وذلك بجعل الحكم على وفقه أو نحو ذلك. فما فلم يثبت هذا التصدي التشريعي بالنسبة إلى الأكثر بمنجز، وما دام مؤمنا عنه بالأصل، فلا اثر لاحتمال قيام ذات الغرض بالأكثر.
البرهان الثالث:
ان وجوب الأقل منجز بحكم كونه معلوما، وهو مردد بحسب الفرض بين كونه استقلاليا أو ضمنيا، وفي حالة الاقتصار على الاتيان بالأقل يسقط هذا الوجوب المعلوم على تقدير كونه استقلاليا لحصول الامتثال، ولا يسقط على تقدير كونه ضمنيا لان الوجوبات الضمينة مترابطة ثبوتا وسقوطا فما لم تمتثل جميعا لا يسقط شئ منها. وهذا يعني ان المكلف الآتي بالأقل يشك في سقوط وجوب الأقل والخروج عن عهدته فلا بد له من الاحتياط، وليس هذا الاحتياط بلحاظ احتمال وجوب الزائد حتى يقال: إنه شك في التكليف، بل انما هو رعاية للتكليف بالأقل المنجز بالعلم واليقين، نظرا إلى أن الشغل اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني.
والجواب على ذلك: ان الشك في سقوط تكليف معلوم انما يكون مجرى لأصالة الاشتغال فيما إذا كان بسبب الشك في الاتيان بمتعلقه، وهذا غير حاصل في المقام لان التكليف بالأقل سواء كان استقلاليا أو ضمنيا قد أتى بمتعلقه بحسب الفرض إذ ليس متعلقه الا الأقل، وانما ينشأ احتمال عدم سقوطه من احتمال قصور في نفس الوجوب بلحاظ ضمنيته المانعة عن سقوطه مستقلا عن وجوب الزائد، وهكذا يرجع الشك في السقوط هنا إلى الشك في ارتباط وجوب الأقل بوجوب زائد، ومثل هذا الشك ليس مجرى لأصالة الاشتغال بل يكون مؤمنا عنه بالأصل المؤمن عن ذلك الوجوب الزائد، لا بمعنى ان ذلك الأصل يثبت سقوط وجوب الأقل بل بمعنى انه يجعل المكلف غير مطالب من ناحية عدم السقوط الناشئ من وجوب الزائد.