أحدهما: ان حكومة الدليل الحاكم - على الاتجاه الثاني - تتوقف على اثبات النظر، واما على الاتجاه الأول فيكون الدليل الحاكم بمثابة الدليل الوارد، وقد مر بنا في الحلقة السابقة انه لا يحتاج تقدمه على دليل إلى اثبات نظره إلى مفاده بالخصوص، بل يكفي كونه متصرفا في موضوعه.
والفارق الآخر: ان الاتجاه الثاني يفسر حكومة مثل (لا حرج) و (لا ضرر) و (لا ينجس الماء ما لا نفس له) لوجود النظر فيها، واما الاتجاه الأول فلا يمكنه ان يفسر الحكومة الا فيما كان لسانه لسان نفي الموضوع للدليل الآخر.
التقييد:
إذا جاء دليل مطلق ودليل على التقييد فدليل التقييد على أقسام:
القسم الأول: أن يكون دالا على التقييد بعنوانه، فيكون ناظرا بلسانه التقييدي إلى المطلق ويقدم عليه باعتباره حاكما ويدخل في القسم المتقدم.
القسم الثاني: أن يكون مفاده ثبوت سنخ الحكم الوارد في الدليل المطلق للمقيد، كما إذا جاء خطاب (أعتق رقبة) ثم خطاب (أعتق رقبة مؤمنة).
وفي هذه الحالة إن لم تعلم وحدة الحكم فلا تعارض، وان علمت وحدة الحكم المدلول للخطابين وقع التعارض بين ظهور الأول في الاطلاق بقرينة الحكمة وظهور الثاني في احترازية القيود، وحينئذ فإن كان الخطابان متصلين لم ينعقد للأول ظهور في الاطلاق، لأنه فرع عدم ذكر ما يدل على القيد في الكلام، والخطاب الآخر المتصل يدل على القيد، فلا تجري قرينة الحكمة لاثبات الاطلاق. وان كان الخطابان منفصلين انعقد الظهور في كل منهما - لما تقدم في بحث الاطلاق من أن الاطلاق ينعقد بمجرد عدم