الأصول المؤمنة في غير مورد الامارة والأصل الشرعي المنجز، معارضة بالأصول المؤمنة التي كانت تجري في موردهما قبل ثبوتهما. وبكلمة أخرى إذا اخذنا من مورد المنجز الشرعي فترة ما قبل ثبوت هذا المنجز ومن غيره الفترة الزمنية على امتدادها، حصلنا على علم اجمالي تام الأركان فينجز.
ومن هنا يعرف ان انهدام الركن الثالث بالمنجز الشرعي مرهون بعدم تأخر نفس المنجز عن العلم ولا يكفي عدم تأخر مؤدي الامارة مثلا مع تأخر قيامها، وذلك لان سقوط العلم الاجمالي عن التنجيز في حالات قيام المنجز الشرعي في بعض أطرافه، إنما هو بسبب المنجزية الشرعية باحدى الصيغتين السابقتين، والمنجزية لا تبدأ الا من حين قيام الامارة أو جريان الأصل سواء كان المؤدي مقارنا لقيامها أو سابقا على ذلك. وبالمقارنة بين الانحلال الحكمي كما شرحناه هنا والانحلال الحقيقي كما شرحناه آنفا يظهر انهما يختلفان في هذه النقطة، فبينما العبرة في الانحلال الحكمي بعدم تأخر نفس المنجز الشرعي عن العلم الاجمالي، نلاحظ ان العبرة في الانحلال الحقيقي كانت بملاحظة جانب المعلوم التفصيلي وعدم تأخره عن زمان المعلوم الاجمالي، وذلك لان ميزانه سراية العلم من الجامع إلى الفرد وهي لازم قهري لانطباق المعلوم الاجمالي على المعلوم التفصيلي ومصداقية هذا لذاك ولا دخل لتاريخ العلمين في ذلك، فمتى ما اجتمع العلمان ولو بقاء وحصل الانطباق المذكور حصل الانحلال الحقيقي.
5 - اشتراك علمين اجماليين في طرف:
قد يفترض ان أحد طرفي العلم الاجمالي طرف في علم اجمالي آخر، فإن كان العلمان متعاصرين فلا شك في تنجيزهما معا وتلقي الطرف المشترك التنجز منهما معا، لان مرجع العلمين إلى العلم بثبوت تكليف واحد في الطرف المشترك أو تكليفين في الطرفين الآخرين، واما إذا كان أحدهما سابقا على الآخر فقد يقال: ان العلم المتأخر يسقط عن المنجزية لاختلال الركن الثالث إما بصيغته الأولى وذلك بتقريب ان الطرف المشترك