9 - العلم الاجمالي بالتدريجيات:
إذا كان أحد طرفي العلم الاجمالي تكليفا فعليا والطرف الاخر تكليفا منوطا بزمان متأخر سمي هذا العلم بالعلم الاجمالي بالتدريجيات، ومثاله علم المرأة اجمالا - إذا ضاعت عليها أيام العادة - بحرمة المكث في المسجد في بعض الأيام من الشهر. وقد استشكل بعض الأصوليين في تنجيز هذا العلم الاجمالي، ويستفاد من كلماتهم امكان تقريب الاستشكال بوجهين:
الأول: - ان الركن الأول مختل، لان المرأة في بداية الشهر لا علم اجمالي لها بالتكليف الفعلي لأنها إما حائض فعلا فالتكليف فعلي، واما ستكون حائضا في منتصف الشهر مثلا فلا تكليف فعلا، فلا علم بالتكليف فعلا على كل تقدير وبذلك يختل الركن الأول.
الثاني: - ان الركن الثالث مختل، أما اختلاله بصيغته الأولى فتقريبه ان المرأة في بداية الشهر تحتمل حرمة المكث فعلا وتحتمل حرمة المكث في منتصف الشهر مثلا، ولما كانت الحرمة الأولى محتملة فعلا ومشكوكة فهي مورد للأصل المؤمن، واما الحرمة الثانية فهي وان كانت مشكوكة ولكنها ليست موردا للأصل المؤمن فعلا في بداية الشهر إذ لا يحتمل وجود الحرمة الثانية في أول الشهر وانما يحتمل وجودها في منتصفه فلا تقع موردا للأصل المؤمن الا في منتصف الشهر، وهذا يعنى ان المرأة في بداية الشهر تجد الأصل المؤمن عن حرمة المكث فعلا جاريا بلا معارض وهو معنى عدم التنجيز.
واما اختلاله بصيغته الثانية فلان الحرمة المتأخرة لا تصلح ان تكون منجزة في بداية الشهر لان تنجز كل تكليف فرع ثبوته وفعليته، ففي بداية الشهر لا يكون العلم الاجمالي صالحا لتنجيز معلومه على كل تقدير.