وأخرى يكون على وزان مفاد كان الناقصة بمعنى اناطته باتصاف شئ بعنوان فيكون الاتصاف قيدا، فإذا شك في الوجود الخارجي على الأول أو في الاتصاف على الثاني جرت البراءة وإلا فلا.
وعلى هذا الضوء نستطيع ان نعمم فكرة قيود التكليف التي هي على وزان مفاد كان الناقصة على عنوان الموضوع وعنوان المتعلق معا، فكما أن حرمة الشرب مقيدة بأن يكون المائع خمرا كذلك الحال في حرمة الكذب فان ثبوتها لكلام مقيد بان يكون الكلام كذبا فإذا شك في كون كلام كذبا كان ذلك شكا في قيد التكليف.
وهكذا نستخلص: ان الميزان الأساسي لجريان البراءة هو الشك في قيود التكليف، وهي تارة على وزان مفاد كان التامة كالشك في وقوع الزلزلة التي هي قيد لوجوب صلاة الآيات. وأخرى على وزان مفاد كان الناقصة بالنسبة إلى عنوان الموضوع كالشك في خمرية المائع، وثالثة على وزان كان الناقصة بالنسبة إلى عنوان المتعلق كالشك في كون الكلام الفلاني كذبا.
استحباب الاحتياط:
عرفنا سابقا عدم وجوب الاحتياط، ولكن ذلك لا يحول دون القول بمطلوبيته شرعا واستحبابه، لما ورد في الروايات من الترغيب فيه، والكلام في ذلك يقع في نقطتين:
النقطة الأولى: في امكان جعل الاستحباب المولوي على الاحتياط ثبوتا، إذ قد يقال بعدم امكانه فيتعين حمل الامر بالاحتياط على الارشاد إلى حسنه عقلا، وذلك لوجهين:
الأول: - انه لغو لأنه ان أريد باستحباب الاحتياط الالزام به فهو غير معقول وان أريد ايجاد محرك غير الزامي نحوه فهذا حاصل بدون جعل الاستحباب، إذ يكفي فيه نفس التكليف الواقعي المشكوك بضم استقلال