2 - جريان الأصول في جميع الأطراف وعدمه:
واما الامر الثاني وهو في جريان الأصول الشرعية في جميع أطراف العلم الاجمالي فقد تقدم الكلام عن ذلك بلحاظ مقام الثبوت ومقام الاثبات معا في مباحث القطع، واتضح: ان المشهور بين الأصوليين استحالة جريان الأصول في جميع الأطراف لأدائه إلى الترخيص في المعصية للمقدار المعلوم اي في المخالفة القطعية، وأن الصحيح هو امكان جريانها في جميع الأطراف عقلا غير أن ذلك ليس عقلائيا. ومن هنا كان الارتكاز العقلائي موجبا لانصراف أدلة الأصول عن الشمول لجميع الأطراف.
وينبغي ان يعلم: ان ذلك انما هو بالنسبة إلى الأصول الشرعية المؤمنة، واما الأصول الشرعية المنجزة للتكليف فلا محذور ثبوتا ولا اثباتا في جريانها في كل أطراف العلم الاجمالي بالتكليف إذا كان كل طرف موردا لها في نفسه، حتى ولو كان المكلف يعلم بعدم ثبوت أكثر من تكليف واحد كما إذا علم بوجود نجس واحد فقط في الإناءات المعلومة نجاستها سابقا فيجري استصحاب النجاسة في كل واحد منها. ومنه يعلم انه لو لم تكن النجاسة الفعلية معلومة أصلا أمكن أيضا اجراء استصحاب النجاسة في كل اناء ما دامت أركانه تامة فيه، ولا ينافي ذلك العلم اجمالا بطهارة بعض الأواني وارتفاع النجاسة عنها واقعا لان المنافاة اما ان تكون بلحاظ محذور ثبوتي بدعوى المنافاة بين الأصول المنجزة للتكليف والحكم الترخيصي المعلوم بالاجمال. أو بلحاظ محذور اثباتي وقصور في اطلاق دليل الأصل.
اما الأول فقد يقرب بوقوع المنافاة بين الالزامات الظاهرية والترخيص الواقعي الثابت في مورد بعضها على سبيل الاجمال جزما.
والجواب: ان المنافاة بينها وبين الترخيص الواقعي ان كانت بملاك التضاد بين الحكمين فيندفع بعدم التضاد ما دام أحدهما ظاهريا والآخر