فيقدم الاستصحاب بالأخصية على دليل أصالة الحل، كما وقع في كلام السيد بحر العلوم انسياقا مع هذا التصور. وان افترضنا الاستصحاب أصلا عمليا وحكما تعبديا مجعولا في دليله فالمدرك حينئذ لبقاء المتيقن عند الشك نفس ذلك الدليل لا أمارية الحالة السابقة، وعند التعارض بين الاستصحاب وأصالة الحل يجب ان تلحظ النسبة بين دليل الاستصحاب - وهو مفاد رواية زرارة مثلا - ودليل أصالة الحل، وقد تكون النسبة حينئذ العموم من وجه.
وهذا التوهم باطل فان ملاحظة نسبة الأخصية والأعمية بين المتعارضين وتقديم الأخص من شؤون الكلام الصادر من متكلم واحد خاصة، حيث يكون الأخص قرينة على الأعم بحسب أساليب المحاورة العرفية، ولما كانت حجية كل ظهور منوطة بعدم ثبوت القرينة على خلافه كان الخبر المتكفل للكلام الأخص مثبتا لارتفاع الحجية عن ظهور الكلام الأعم في العموم، وليست الأخصية في غير مجال القرينية ملاكا لتقديم احدى الحجتين على الأخرى، ولهذا لا يتوهم أحد انه إذا دلت بينة على أن كل ما في الدار نجس ودلت أخرى على أن شيئا منه طاهر قدمت الثانية للأخصية، بل يقع التعارض، إذ لا معنى للقرينية مع فرض صدور الكلامين من جهتين. وعلى هذا ففي المقام سواء قيل بأمارية الاستصحاب أو أصليته لا معنى لتقديمه بالأخصية الملحوظة بينه وبين معارضته، بل لا بد من ملاحظة النسبة بين دليله وما يعارضه من دليل الأصل أو دليل حجية الامارة، فإن كان أخص قدم بالأخصية لان مفاد الأدلة كلام الشارع ومتى كان أحد كلاميه أخص من الآخر قدم بالأخصية.