نفسها بقطع النظر عن الأصول الشرعية المؤمنة، وينحصر البحث على هذا المسلك في الامرين الأخيرين.
وعلى اي حال فنحن نتكلم في الامر الأول على أساس افتراض قاعدة قبح العقاب بلا بيان، وعليه فلا شك في تنجيز العلم الاجمالي لمقدار الجامع بين التكليفين لأنه معلوم وقد تم عليه البيان سواء قلنا بان مرد العلم الاجمالي إلى العلم بالجامع أو العلم بالواقع. اما على الأول فواضح، واما على الثاني فلان الجامع معلوم ضمنا حتما وعليه يحكم العقل بتنجز الجامع، ومخالفة الجامع انما تتحقق بمخالفة كلا الطرفين لان ترك الجامع لا يكون الا بترك كلا فرديه، وهذا معنى حرمة المخالفة القطعية عقلا للتكليف المعلوم بالاجمال.
وانما المهم البحث في تنجيز العلم الاجمالي لوجوب الموافقة القطعية عقلا، فقد وقع الخلاف في ذلك فذهب جماعة كالمحقق النائيني والسيد الأستاذ إلى أن العلم الاجمالي لا يقتضي بحد ذاته وجوب الموافقة القطعية وتنجيز كل أطرافه مباشرة، وذهب المحقق العراقي وغيره إلى أن العلم الاجمالي يستدعي وجوب الموافقة القطعية كما يستعدي حرمة المخالفة القطعية، ويظهر من بعض هؤلاء المحققين ان المسألة مبنية على تحقيق هوية العلم الاجمالي وهل هو علم بالجامع أو بالواقع؟ وعلى هذا الأساس سوف نمهد للبحث بالكلام عن هوية العلم الاجمالي والمباني المختلفة في ذلك، ثم نتكلم في مقدار التنجيز على تلك المباني.
الاتجاهات في تفسير العلم الاجمالي:
ويمكن تلخيص الاتجاهات في تفسير العلم الاجمالي في ثلاثة مبان:
الأول: - المبنى القائل بان العلم الاجمالي علم تفصيلي بالجامع مقترن بشكوك تفصيلية بعدد أطراف ذلك العلم وهذا ما اختاره المحققان النائيني والأصفهاني، وهذا المبنى يشتمل على جانب ايجابي - وهو اشتمال العلم