فلو حمل قطع اللسان على قط الشمعة لم يبق محل لذكره لفظ (الشاعر)، ولو حمل على الصلة لم يبق موضع للفظ (السراج) فلا بد من حمله على المعنيين معا.
وقول الآخر:
قام يقط شمعة * فهل رأيت البدر قط وهل ترى الحسن الذي يأخذ بمجامع القلب ويسحر اللب إلا من استعماله لفظ قط في معنيين؟ ولا أدري أيهما القريب المورى به، وأيهما البعيد المورى عنه؟ وأيهما الذي أراد إخفاءه؟ ولما ذا يخفيه، وفي إظهاره ظهور قدرته وكمال صنعته؟.
ومثله قول الآخر في مليحة قامرت مليحا (من مجزو الرجز):
قالت أنا قمرته * قلت اسكتي فهو قمر (1) وحمل لفظ القمر على النير فقط موجب لعدم ارتباط الشطرين، وعلى خصوص معناه الفعلي مخل بفصاحته، ومخلق لديباجته، ومنزله من الدرجة العالية التي لها من الحسن إلى درك كلام سوقي سافل، وبحمله على ما وصفنا يلتئم الشطران، ويظهر حسن البيان.
وقول القائل من أهل العصر (2) - كان الله له - في مخلعته المشهورة:
واحرب القلب من صغير * علي من تيهه تكبر صغره عاذلي ولما * شاهد ذاك الجمال كبر لما رأى صورة سبتني * صدق ما مثلها تصور (3)