ونحن ندع له إنشاء هذا اللفظ لينحل له ذلك المعنى الغير المتصور كرامة له وكراهة للمنازعة معه.
وقد ذكر هذا الأستاذ في بعض كلامه: أنه لا يمكن استعمال اللفظ في معنيين إلا إذا كان المستعمل أحول العينين (1). وما هذا إلا خطابة حسنة، ولكن أحسن منها أن يقال: إنه يكفي في ذلك أن لا يكون ذا عين واحدة فإذا كان ذا عينين أمكنه استعمال العين في معنيين.
واعلم، أن أقوى أدلة الإمكان وأسدها الوقوع، وهذا النحو من الاستعمال واقع كثيرا، وهو في كثير من المواقع حسن جيد جدا.
وعليه تدور رحى عدة من نكات البديع كبراعة الجواب والتورية وأحسن أقسام التوشيع، فانظر - إذا شئت - إلى قول القائل في مدح النبي الأكرم والحبيب الأعظم صلى الله عليه وآله، من البسيط:
المرتمي في دجى، والمبتلى بعمى * والمشتكي ظمأ، والمبتغي دينا يأتون سدته من كل ناحية * ويستفيدون من نعمائه عينا تراه قد استعمل الكلمة الأخيرة من البيت الثاني في معان أربعة يوضحها البيت الأول.
وإلى (2) قول القائل في جواب السائل، من الكامل:
أي المكان تروم ثم من الذي * تمضي له فأجبته المعشوقا أراد بالكلمة الأخيرة معناه الاشتقاقي، وقصرا كان للمتوكل بسامراء.
وقول المشتكي طول ليلته ودماميل في جسده: «وما لليلتي وما لها فجر».
ولا أدري ما ذا يقول المانع في هذه الأبيات الثلاثة ونظائرها الكثيرة، فهل