أو لكون اللفظ بعضا لكلمة أخرى كما في صنعة الجمع بين الاكتفاء (1) والتورية، إلى غير ذلك من الأسباب التي تفنن فيها المتأخرون من أهل البديع، فأحسنوا فيها كل الإحسان.
ومن أغرب ما أذكره الآن، قول أحدهم: «قلب بهرام ما رهب» فقد استعمل الكلمة الأولى في معنيين، ثم جمع في الكلمتين الأخريين بين استعمال اللفظ في نفسه وفي معناه - على ما يقولون - فصار لمجموع الكلام معنيان مختلفان.
ولعمري لقد أحسن فيه، وأرتج (2) باب التأويل بالمسمى على أصحابه، ومثله قول القائل: «وكل ساق قلبه قاس».
وقول القائل (3) من أهل العصر - كان الله له -: (من مخلع البسيط) قد نقط الخال دال صدغ * منك كجنح الغراب حالك كم خط كف الجمال ذالا * وما رأينا شبيه ذلك (4) ولئن ضيق بعضهم نطاق التورية من هذه الجهة فقد توسع في الشواهد عليها بما لا مساس له بها أصلا فذكر منها شواهد إيهام التورية والمغالطة والتوجيه وغيرها من ضروب الصناعة