مضافا إلى ضرورة صحة الحمل والإسناد في الجمل بلا تصرف في ألفاظ الأطراف، مع أنه لو كانت موضوعة لها بما هي مرادة لما صح بدونه، بداهة أن المحمول على (زيد) في (زيد قائم) والمسند إليه في (ضرب زيد) هما نفس القيام والضرب لا بما هما مرادان، مع أنه يلزم كون وضع عامة الألفاظ عاما والموضوع له خاصا، لمكان اعتبار خصوصية [إرادة] (1) اللافظين فيما وضع له اللفظ، فإنه لا مجال لتوهم أخذ مفهوم الإرادة فيه كما لا يخفى، وهكذا الحال في طرف الموضوع له» (2).
ثم نقل ما نقله في الفصول عن الشيخ الرئيس والمحقق الطوسي من مصيرهما إلى أن دلالة الألفاظ تتبع الإرادة (3)، وتصدى لتأويل كلامهما بما يغني عنه ما نلقيه عليك من صحيح القول المعتضد بواضح البيان، ونقول:
قد عرفت سابقا عدم معقولية جعل العلقة ابتداء بين اللفظ والمعنى، وإنما المعقول التزام الواضع وتعهده بأنه متى ما أراد إفهام الغير بما في ضميره من معنى معين أتى بلفظ معين، وبعد هذا التعهد والإعلام به يصير اللفظ متى أطلقه دليلا على إرادته إفهام ذلك المعنى فقط من غير أن يكون بين اللفظ والمعنى ربط ابتدائي مع قطع النظر عن الإرادة.
فالقائل بأن الألفاظ موضوعة للمعاني من حيث إنها مرادة، إن أراد ما قررناه - وظني أنه لا يريد غيره - فهو حق لا مناص عنه ولا ضير فيه، وكيف ينكره المتأمل؟ وصريح الوجدان يشهد بأن المفهوم من قول القائل: (زيد قائم).
ليس إلا إرادته إفهام السامع هذه النسبة الخاصة بين زيد والقيام حتى أن مطابقته للواقع وعدمها ليست مفهومة من اللفظ بل تعرف بضم أمور خارجية