ولقد أفضى بنا الكلام إلى ما هو خارج عن مقتضى المقام، فلنعد إلى المقصود، ونقول:
إن أقصى ما تناله أيدي المانعين من التكلف في تأويل هذه الأمثلة وأمثالها حملها على أن اللفظ مستعمل في معنى آخر يشمل المعاني المفهومة منه، إما على نحو شمول الكل لأجزائه، أو شمول الكلي لجزئياته كمفهوم المسمى، ويسمونه بعموم الاشتراك، ولا يخفى ما في كل منها من الضعف.
أما الأول (1)، فلأنه لا يتأتى إلا فيما تعلق حكم واحد بالجميع أو أمكن تعلق الأحكام المتعددة بالمجموع دون ما إذا كان لكل معنى لا يشاركه الآخر فيه كلفظ العين في مديح النبوي السابق (2)، وما يصنع المرتمي في الدجى بالماء والذهب، ومبتغي الدين بالشمس والماء، وهكذا هذا.
على أن الوجدان الصحيح يحكم بأن المستعمل لم يلاحظ الهيئة المجموعية في استعماله قط، ولم يتعلق له غرض به وأن مركبا من الشمس والماء والباصرة والذهب لمعجون طريف ما اهتدى إليه جالينوس (2) طول عمره، ولم يذكره طبيب في قرابادينة (4).
وأما الثاني (5)، فإن أرادوا أن المستعمل لا بد له من ملاحظة مفهوم المسمى حين الاستعمال أولا فهذا مما لا ننكره، ولكن لا يلزم منه اتحاد المستعمل فيه، كما أن ملاحظة الجزئي في الوضع الخاص والموضوع له العام لا توجب اتحاد الموضوع له، وملاحظة مفهوم العام في العام الأفرادي لا يلزم منه اتحاد الحكم،