وعلى هذا النمط البديع جرى في كثير (1) من أبيات القصيدة قال قائلها، وليقل من شاء ما شاء إني لعمر الفضل قد أردت من هذه القوافي الثلاثة معاني ستة من كل واحدة اثنين، وفي هذا كفاية لمن تأمل وأنصف إن كان ذا ذهن سليم، ولم تأخذه سورة العصبية للرأي القديم.
وعلى ذكر التورية، فلا بأس بالإشارة إلى نكتة مهمة - وإن كانت خارجة عن المقصود - وهي أن التورية بقسميها وإيهامها لا تختص موردها بلفظ واحد له معنيان، كما في كلام كثير من علماء الفن، بل تأتي في كل كلام يمكن انصرافه إلى وجهين وأكثر سواء كان لاشتراك لفظ من ألفاظه أو لتردده بين لفظ لفظين (2)، كقول القائل من أهل العصر (3) - كان الله له - في موشحة بديعية في وصف الخد، من بحر المجتث:
........................ عن دم قلبي تخضب (4) فصح لو قيل عن دم أو لاحتمال رجوع الضمير إلى أكثر من واحد، كقوله فيها أيضا:
فقسه بالبدر إن تم.
إذ الضمير في (تم) يحتمل رجوعه إلى القياس، وإلى البدر، أي: إن تم القياس، أو إن تم البدر.