عما يؤثره لو لا طروه لو كان ما فيه من الجهة غالبا، كما إذا لم يكن أحدهما طارئا على الآخر، كما في مسألة الاجتماع على القول بالامتناع، بل لا يخفى أن الأمر هاهنا كذلك ولو قلنا بالجواز فيها، وكفاية تعدد الجهة والعنوان في تعدد متعلق الأمر والنهي، وما يتبعانه من المصلحة والمفسدة بما يستتبعانه، وذلك لعدم تعدد العنوان هاهنا كالصلاة والغصب - مثلا - بل عنوان واحد وهو صلاة الجمعة - مثلا - تعلق به الوجوب مطلقا، والحرمة مقيدة بكون الأمارة الكذائية قائمة على حرمتها، فيكون من قبيل النهي في العبادات لا من باب الاجتماع، فلا تغفل، فحينئذ لا يخلو إما أن تكون الجهة الطارئة غالبة، فلا تكون واجبة واقعا، فيلزم التصويب، أو تكون مغلوبة أو لا غالبة ولا مغلوبة، فلا تكون محرمة ظاهرا مطلقا، وهو خلف، ولا واجبة واقعا أيضا في الثاني.
ومن هنا ظهر أن المصلحة الفائتة عنه، والمفسدة الواقعة فيها، المؤثرتين للحكم الواقعي على تقدير بقائهما على ما هما عليه من التأثير غير متداركين بما حدث في البين من مصلحة السلوك» (1) انتهى بنصه.
وجميع ما ذكره واضح وروده على الترتب، لكن بالتقرير الذي قرره، لأنه إذا كان موضوعا الحكمين واحدا لا فارق بينهما إلا الإطلاق والتقييد، وكان أحدهما طارئا على الآخر، فلا شك في تزاحم الجهات، وليس وراء ذلك إلا وقوع الكسر والانكسار، ولا ينتج ذلك إلا أحد المحالات الثلاثة التي ذكرها.
وأما على ما عرفناك به من تعدد الموضوع، فما أورده عليه بعيد عنه بمراحل، ويتضح ذلك لك إذا أمعنت النظر فيما أسلفناه، فلا ثمرة في تكراره.
وبعد ذلك ذكر - سقى الله ثراه - ما هو التحقيق عنده في الجواب، ومهد له مقدمة هي قوله: «فاعلم أن الحكم بعد ما لم يكن شيئا مذكورا يكون له مراتب