الواقع حجاب يمنع من تحقق عنوان الإطاعة والعصيان.
أقول: هكذا كان يجيب - طاب ثراه - عن هذا الاعتراض، وفي النفس منه شيء سبق بيانه في مبحث القطع، والذي يهون الخطب أن هذا المعترض لم يقم برهانا على بطلان اللازم واستحالته عقلا.
نعم يكون الحكم الواقعي حينئذ لغوا وعبثا، يمتنع صدوره عن الحكيم، لأن الحكم لا بد له من مورد يمكن امتثاله، وإذا جعل للمقطوع بحرمته - مثلا - حكم الحلية فصار حلالا فالمظنون وما قبله من المراتب يكون حلالا بالأولى، فيكون الحاصل أنه لا يريد ترك شرب شيء من أفراد الخمر، مع أن مقتضى الحكم الواقعي أنه يريد تركه ولو في الجملة، وهذا حق في الجملة، ولكنه غير الاستحالة الثانية التي يبني المعترض اعتراضه عليها.
وحيث إني نقلت كلام الشيخ الأستاذ في الترتب بين الضدين، ودققت - حسب جهدي - النظر فيه، رأيت أن أصنع في هذا الترتب مثله لما بينهما من الارتباط والاشتراك في شطر من الكلام.
فنقول: قال في الحاشية ما لفظه: «إن قلت: إنما يلزم لو كانت صلاة الجمعة بما هي صلاة الجمعة محكومة ومتصفة بذلك، ولم يكن ذلك بلازم من التعبد بالأمارة، بل اللازم إنما هو كون صلاة الجمعة الواجبة بعنوانها محرمة، بما أن الأمارة الكذائية قامت على حرمتها، ولا ضير في كونها بهذا العنوان الطارئ محرمة بعد ما كانت واجبة بما لها من العنوان الذي يتوقف عليه وعلى حكمه طرده، والحكم عليه، كيف وقد صحح بما كان من قبيل هذا الترتب طلب المتضادين، بل المتناقضين فعلا، بحيث يؤاخذ على الاثنين عند تركهما، وعلى مخالفة الأهم عند تركه وإتيانه بغيره، وليس في المقام إلا تنجز أحد الخطابين أبدا في البين».
وذكر بعده الجواب عن شبهة تفويت المصلحة، وعدم المزاحمة في جهات