ولم يقل بهذا الترتب، ولكن ما ذكره من تصحيح الأمر بالمتناقضين فلا أدري من المصحح، ولا كيف الطريق إليه، وأقصى ما يطمع فيه القائل بالترتب تصحيح مثل قوله: أزل (1)، وإن عصيت فصل.
وأما الأمر بالنقيضين، وما هما سوى الوجود والعدم، وتصحيح قوله:
افعل، وإن عصيت فلا تفعل، ونحوه، فلا يعقل صدوره من عاقل (2)، وينبغي التأمل في مراده منه.
ثم أقول: مبنى الترتب هنا على تأخر عنوان الشك في الحكم عن أصل الحكم، وقد جعله هذا الأستاذ عنوان أنه مما قامت عليه الأمارة، فان رجع إلى ما قررناه فذاك - ويأتي من كلامه ما هو كالصريح في خلافه - وإلا فليس من الترتب الذي نقول به في شيء، ويكون أكثر ما أفاده بمعزل عما نقول، ونحن على الحياد في نزاعه مع من قرر الترتب بهذا التقرير، وإن شاء دخلنا معه في منازعته، وشرعنا أسنة الألسن الحداد، وفوقنا سهام الانتقاد على من يزعم الفرق بين الموضوعين بالإطلاق والتقييد، ويرى أن الفساد في المقيد لا يؤول إلى الكسر والانكسار مع المصلحة في المطلق، والذي يذهب إليه أهل هذا المذهب لا يتوجه عليهم شيء مما ذكره ردا، ولا يحتاجون إلى ما دافع به عنهم انتصارا، لأن مقتضى المقدمات السابقة عدم اجتماع الحكمين في الوجود الذهني الذي هو محط الطلبين، لا في مرتبة واحدة ولا في مرتبتين، ولذلك بعينه لا يقع الكسر والانكسار بينهما في جهات الحب والبغض، إذ المفسدة التي تزاحم مصلحة الصلاة إنما هي ما كانت من قبيل إيقاعها في معاطن الإبل ومرابض الغنم مما يمكن أن يتصف بها في هذه الرتبة، لا مثل كونها مشكوك الحكم الواقعي الذي هو متأخر عنه في اللحاظ، ولا يعقل تصوره مع تصور موضوع الواقعي، فإذن يتعلق