مصداقا للإطاعة والعصيان.
ولعل إلى ما يشبه هذا يرجع محصل ما أفاده الشيخ الأعظم في تصور القسم الثالث من أقسام سببية الأمارة (1)، فراجعه متأملا منصفا.
ومما ذكرنا يظهر وجه النظر فيما أفاده الشيخ الأستاذ في كلامه السابق نقله من أنه من باب النهي في العبادات لا من باب الاجتماع (2) وذلك لأنه ليس من باب عنوان واحد تعلق به الوجوب - مثلا - مطلقا، والحرمة مقيدا، حتى يتم ما ذكره - طاب ثراه - بل من باب عنوانين مستقلين غير مقيد أحدهما بالآخر.
هذه هي الوجوه المذكورة في تصور التعبد بالأمارات مما ينبغي ذكرها، ولا يجوز إهمال أمرها، والمهم لدى من يطلب هذا الفن لأجل الغرض الذي وضع لأجله معرفة أن الأمارات الشرعية من أي قسم من الأقسام الممكنة، ولا يقنعه تكثير الاحتمالات، ولا ينفع غلبة تعداد التصورات، ولذلك نقول: إن التأمل في المقام يفضي إلى أمرين:
أولهما: أن وظيفة الشارع تشريع الأحكام، وبيان الحلال والحرام بالطرق المتعارفة لدى العقلاء، وأما جعل الطرق فليس من وظائفه التي لا يجوز له الإخلال بها، والشارع في تحصيل أغراضه الشرعية كسائر العقلاء في تحصيل مقاصدهم الدينية والدنيوية، ويتم له الحجة على العباد بما يتم للموالي على العبيد، وإذا نظرت إلى الأمارات الشرعية بطرف التأمل وجدت جلها بل كلها، هي الطرق التي يعتبرها العقلاء.
نعم ربما زاد بعضها شرطا، أو أبدى له مانعا، أو جعل له حدا لمصالح خارجية تقتضي ذلك، كاعتباره التكرار أربعا في الإقرار، والتعدد في الشهود في