المسائل المشكلة في الفلسفة وغيرها، فهو أعلم بما قال، ولا ترى العالم بكل فن، والمقدم في كل صنعة، يقدم على الحكم بكل من الامتناع والإمكان إلا بعد إقامة البرهان، فلا يحكم الرياضي بامتناع اجتماع منفرجتين في مثلث إلا بعد إثبات أن الزوايا الثلاث منه مساو لقائمتين، ولا بإمكان تنصيف خط إلا بعد تنصيف الزاوية بالبرهان، وهل رأيت عالم فن استدل لدى المناظرة بحصول القطع له بلا سبب سوى الاتفاق؟ وإن فعل، فهل ترى مناظره يقنع به ويفحمه ذلك؟ فظهر بما ذكرناه أن دعوى المشهور ليست بمجازفة، وأن ما ذكره الشيخ في معنى الإمكان (1) هو الذي وقع فيه النزاع، ولا يخفى.
استدل المانع (2) بوجهين:
أحدهما: أنه لو جاز التعبد بخبر الواحد في الإخبار عن النبي لجاز التعبد به في الإخبار عن الله، والتالي باطل إجماعا (3).
بيان الملازمة: أن حكم الأمثال فيما يجوز وفيما لا يجوز سواء، ولا يختلف الإخبار بواسطة المخبر عنه.
وأجيب (4) عنه بمنع بطلان التالي عقلا، لجواز إيجاب الشارع التعبد بخبر سلمان - مثلا - عن الله، غاية الأمر عدم الوقوع، لا عدم الإمكان.
أقول: إن أراد المستدل بالإخبار عن الله تعالى، الإخبار بلا واسطة النبي، فهذا خبر يقطع بكذبه، وهو خارج عن المبحث، إذ لا يقول أحد بحجيته، لأن الإخبار عنه تعالى يختص بالأنبياء على جميعهم السلام.