تلك نوعا ومقدارا، ولكن انضمت إلى تلك بما رفع قدرها وشأنها، وإلى هذه ما خفض مقامها وشأنها.
وكذلك البعد بين صلاة متطيب في أحسن زي، وأشرف مكان، مع حضور القلب، وخشوع الجوارح، وبين صلاة متصف بأضداد هذه.
وبالجملة الصلاة في الحمام وفي معاطن الإبل مكروهة، بمعنى تقابل استحبابها في المساجد والمشاهد، وصوم ثاني شوال مكروه، بمعنى أنه منهي بذاته كحرمة صوم أوله، إلا أن ذلك نهي تحريم، والثاني نهي كراهة.
والفرق بين القسمين واضح في مقام الثبوت، وأما في مقام الإثبات، فقد يشكل الفرق، والمتبع حينئذ لسان الدليل، ومناسبة الحكم والموضوع.
ولو لا تكلف من حملها على الإرشاد، أو أقلية الثواب لشرح مراده، لكان ما قلناه قابلا لأن يكون شرحا له.
واعلم أن من الممكن أن يكون بعض الأفعال مكروهة حال الصلاة كراهة مستقلة، بمعنى أن تكون العبادة ظرفا لها من غير أن تمس العبادة أصلا، كما يتصور مثله في المستحب، كالدعاء لطلب الرزق في السجدة الأخيرة، ولطلب الولد في القنوت، إذ الظاهر أن ذلك لكون الدعاء فيهما أقرب إلى الإجابة، لا أن الصلاة تكتسب بهما مزية وفضيلة.
فاستبان مما ذكرناه أن العبادة التي تستحق إطلاق المكروه عليها ما كانت من قبيل الأول، ولا أشاحك في إطلاقه على غيرها، بل أكره لك مخالفة الاصطلاح إذا حفظت المعاني، ولم تغرك الألفاظ، ولا يصدك عن ذلك إلا الشغب (1) بمخالفة الإجماع، ومن لك بمحصله وأنت تعلم حال منقوله.
على أنه لو شئت قلت: إجماع الفقهاء على صحة هذه الصلاة مما لا معنى