أعمال الحج، ونحوه.
وقد يطلق ويراد به الواجبات التي يعتبر فيها قصد القربة، والمعنيان متباعدان جدا.
فما وقع في تقريرات الشيخ الأعظم - طاب ثراه - من الخلط بين المعنيين، ونقله عن بعضهم تعريف التعبدي بالمعنى الأول في مقام تعريفه بالمعنى الثاني، ثم الاعتراض عليه (1)، فجميع ذلك ليس في محله، فلاحظ.
وبالجملة فالكلام في التعبدي بالمعنى الثاني، ومحصل الكلام فيه: أن قصد القربة قد يفسر بقصد الأمر المتوجه إليه، وقد يفسر بغيره، وعلى الأول قد يجعل ذلك قيدا للمأمور به، إما شطرا له أو شرطا فيه، وقد لا يجعل ذلك قيدا له، بل يجعل قيدا للغرض، ودخيلا في حصوله.
وأيضا قد يراد من الأمر الذي يعتبر قصد إطاعته عين الأمر المتوجه إلى نفس تلك العبادة، فيكون قصد القربة في الصلاة قصد الأمر بالصلاة مثلا، وقد يجعل قصد أمر آخر.
أما تفسيره بقصد الأمر المتوجه إلى نفس العبادة، وكونه قيدا لها، كما نسب إلى ظاهر مشهور المتقدمين، فقد ذهب جمهور المحققين من المتأخرين إلى عدم إمكانه عقلا، وذكروا لذلك وجوها:
الأول: لزوم الدور، وبيانه: ان الموضوع مقدم رتبة على الحكم، لأنه معروض له، والمعروض مقدم رتبة على العرض، فإذا أخذ في الموضوع ما ينشأ من الحكم توقف الموضوع على الأمر، إذ قصد الأمر يتوقف على الأمر، ولا يتحقق إلا بعده، فالأمر إذن يتوقف على الموضوع، لكونه عرضا له، والموضوع يتوقف على الأمر، لكونه مقيدا به، ولا يتحقق المقيد إلا بتحقق القيد.