وأما الجواب عن الأول فهو أن المعنى المستفاد من الهيئة والمنشأ بها متحقق فعلا من دون ابتنائه على شيء ولكن المتوقف تأثيره في المكلف.
وبيانه: أن الآمر قد يلاحظ القيد معدوما، ويطلبه مع المقيد، كما في قوله:
صل مع الطهارة. وقد يلاحظ القيد موجودا، وبعد فرض وجوده ينقدح في نفسه الطلب، فيطلب مقيدا مفروضا وجود قيده، فيكون الطلب متحققا بنفس الإنشاء، ولكن تأثيره في المكلف بمعنى انبعاثه نحو الفعل، والتزامه به يتوقف على وجود ذلك القيد المفروض، لأن الطلب في نفس الآمر تحقق على فرض وجوده فلا بد أن يؤثر فيه بعد وجوده، ليطابق الخارج ما كان في نفس الآمر، فكما أنه لو طلب مقيدا بقيد موجود واقعا ما كان يؤثر على فرض عدمه في الخارج، فكذلك لا يؤثر على فرض عدم ما كان في الذهن متعلقة للطلب، فتأمل فيه جيدا، تجده واضحا.
ولك أن تجيب بهذا الجواب عن الإشكالين السابقين، وتجعله جوابا عن الإشكالات الثلاثة أجمع، كما لا يخفى على المتأمل.
ومنه ينفتح الباب إلى الإشكال في الواجب المعلق، لأن إرادة الفعل قد تقتضي تحصيل ذلك القيد وإيجاده إذا لم يكن موجودا، وقد لا تقتضي ذلك، لكونه مأخوذا على فرض وجوده.
وبعبارة أخرى قد يكون القيد داخلا في حيز الإرادة، وقد يكون خارجا، والأول هو المطلق، والثاني هو المشروط، ولا ثالث لهما بحكم العقل، لكي يثلث به الأقسام، ويسمى المعلق.
وحيث إن الزمان خارج عن القدرة، والقيود الخارجة عن قدرة المكلف من قبيل الثاني، لاستحالة التكليف بغير المقدور، فالأوامر المتعلقة بقيد الزمان يكون من قبيل المشروط قطعا.
وهذا مراد الشيخ الأعظم فيما ذكره من الاعتراض على الواجب المعلق،