وجه المبالغة: حسم مادة الفساد، فلو كانوا يرخصون لأدى ذلك إلى شيوع شرب الخمر ونحوه مما يكون طباع الفساق في غاية الشوق [إليه]، بل طباع الكل، لأن النفس أمارة بالسوء (1)، فكانوا يرتكبون معللين بأنا نداوي مرضنا، بل النفس - أيضا - من جهة كونها أمارة بالسوء كثيرا ما يخفي ويغير، ولذا لا ينجو إلا من يجاهد نفسه دائما بالعلاجات الصادرة عن الأئمة الطاهرين (عليهم السلام) والحكماء وأرباب القوى القدسية، وقليل ما هم، و * (إن الإنسان لفي خسر * إلا الذين آمنوا) *.. إلى آخر الآية (2)، وقال تعالى: * (أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا) * (3)، وقال: * (قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا * الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا) * (4).
وفي " الاحتجاج " عن الطبرسي، عن هشام بن الحكم، قال: " سأل الزنديق أبا عبد الله (عليه السلام) فقال: [و] لم حرم الله الخمر ولا لذة أفضل منها؟ قال:
حرمها لأنها أم الخبائث ورأس كل شر " (5) الحديث.
والأئمة - من الجهة المزبورة - لا بد أن يبالغوا مبالغة كاملة، ألا ترى أن الإنسان لا بد أن يكون بين الخوف والرجاء على حد سواء؟! ومع ذلك [ورد] بالنسبة إلى المعاصي والعصاة ما ورد، بحيث يوجب اليأس التام، وورد بالنسبة إلى الخائفين المأيوسين ما ورد، بحيث يوجب الرجاء التام، وهكذا في كل محل ومقام، وهم (عليهم السلام) كانوا أطباء لعلاج النفوس، أنظر حال الطبيب كيف يسلك مع