دليله واضح، وقد أشرنا إليه في مسألة القدرة على التسليم (1)، وذكرنا هناك أن القدرة على التسليم عند جميع الفقهاء ليست مجرد الظن بالقدرة على التسليم، فمن اعتبر غلبة الوجود لم يرد سوى القدرة على التسليم، لأنها في السلم منحصرة في الغلبة لا طريق لها إلى غيرها، ومجرد الظن لو كان كافيا لزم صحة بيع ما في الضرع من اللبن، وقصب الآجام، وثمرة النخل والأشجار في السنة الآتية، وغير ذلك مما هو مسلم عند الجميع - إلا شاذ منهم - بطلانه، فتأمل جدا.
وفي " التحرير ": يجب كون المسلم فيه عام الوجود عند الحلول بلا خلاف (2) انتهى، فتأمل.
قوله: والاكتفاء بإمكان وجوده (3).
لا يخفى أن عقد البيع ليس معلقا على اتفاق الوجود، بل لا يصح التعليق فيه، فبمجرد إمكان الوجود كيف يجعل البائع على عهدته، وفي ذمته إعطاء المبيع مطلقا، وعلى أي حال؟! مع أنه مكلف بوجوب الوفاء بعقده وعهده وشرطه، سيما وأنه جعل إعطاء المبيع مطلقا بإزاء ثمن المشتري، الذي يأخذه حالا ويتصرف فيه تصرف الملاك في أملاكه، ويتلفه كيف يشاء.
والمشتري أيضا ما أعطى الثمن ولا رضي بأن يصير ملكه يتصرف كذلك ويتلف كيف ما أراد إلا بإزاء المبيع المشترط إعطاؤه البتة.
وعلى أي حال، فيما لم يكن هناك وثوق تام، كيف يتأتى جميع ما ذكر؟!
هذا، مضافا إلى ما مر وسيجئ، فلاحظ!