أصلا، فلم يكون البيع باطلا؟!
قلت: لما وقع البيع على الشخص المخصوص لا بد أن يكون متعينا، إذ البيع سبب لنقل المبيع من حينه إلى المشتري، وغير المتعين محال انتقاله، وانتقال الكلي المتماثل من جهة تعينه، إذ يصير الكلي مبيعا ودينا وغير ذلك جزما، فالكلي ينتقل إلى ذمة شخص إذا كان متماثلا، بخلاف الشخصي.
وأيضا إذا أوقعا العقد على الشخص فلا جرم يكون خصوصية التشخص مطلوبة في ذلك العقد، فلو لم يعينا لزم الغرر والجهل، بخلاف ما إذا لم يجعلا الخصوصية داخلة، فتأمل.
قوله: فكيف يكفي المشاهدة؟ إلا أن يقال: المراد به - هنا - المخيط.. إلى آخره (1).
قد عرفت أن الغرر المنهي هو أن يرجع فيه إلى أهل العرف، وهو الذي يكون مجهول الحصول أو المقدار عندهم، وهو المقدار الذي يكون بناء تفاوت القيمة أو الرغبة في المعاملة عليه، كالحنطة والسمن وأمثالهما مما يكال أو يوزن، فإن بناء تفاوت الثمن على الكيل أو الوزن - مثلا - عليه جزما وعلى تفاوت الأوصاف - أي الأنواع - بل الأصناف أيضا في الموضع الذي يكون البناء عليه أيضا، وهو الأغلب. وأما تفاوت الرغبة، فهو اعتباري بحسب اعتبار المعاملين.
إذا عرفت هذا، فنقول: الحيوان - مثلا - لا غرر في الجهل بمقدار وزنه كالفرس، وأما مثل الغنم - مما يكون المطلوب فيه مقدار اللحم وزنا - فرفع الغرر فيه إنما هو بالتخمين. وأما إذا لم يكن المطلوب فيه مقدار اللحم، فإن كان المطلوب فيه المساحة - كالفيل عند أهل الهند - فرفع الغرر بالمساحة، وإن لم يكن