الفقهاء وتفريعات فقهائنا الأعلام، الذين انتهت النوبة بهم إلى مدرسة العلامة الوحيد - طاب ثراه - والتي خرجت فطاحل من تلامذته، أمثال: السيد بحر العلوم، وكاشف الغطاء، وصاحبي " الرياض " و " القوانين "، والنراقي الأول.. وأشباههم، الذين كانوا أساتذة لتربية من لحقهم من جهابذة الفن، أمثال:
صاحب " الجواهر "، والشيخ الأنصاري، والآخوند الخراساني.. وأمثالهم - رضوان الله تعالى عليهم -.
فعلم من مجموع ما ذكر في تأريخ تطور الفقه الشيعي تأسيسا وتأصيلا وتدوينا ومقارنة، أنه لم يمر بمرحلة الجمود والركود، بل كان - وما زال - يطوي مدارج التكامل، وإتقان القواعد، وتحكيم المباني أصولا وفروعا، وما كان ذاك إلا رهينة الأصل الأصيل في باب الاجتهاد وانفتاحه في عصر غيبة المعصوم - سلام الله عليه -، وذاك - بحق - أحد مفاخر وامتيازات فقه الطائفة الإمامية، حيث فتح لهم طريق الاستنباط لكل السالكين على دربه، وأبعدهم عن الجمود والاقتصار على أقوال السلف، كما هي طريقة أبناء العامة وديدنهم.
ثم إن دراسة الأحقاب التي مرت بها أدوار الفقه، تظهر لنا - وبكل وضوح - اختلاف المسالك، وتعدد السبل والطرق في الاستنباط، وإن كانت - في حد نفسها - في رشد أكثر وتكامل أسمى، إلا أنه قد نلاحظ في فترات متقطعة حصول نوع من الانحراف عن المسير الأصلي في الاجتهاد - الذي هو استخراج حكم الشارع المقدس - كان للموقف المشرف لعلماء الطائفة الأثر الكبير في الوقوف - وبشدة - أمام أمثال هذه التيارات المنحرفة، حيث أن تحصيل الحكم الشرعي إنما يكون في إطار القواعد والمقررات المتداولة المعروفة، ولو قدر التجاوز عن هذا الخط، فلا يمكن أن يطلق عليه أنه: حكم الله.