المحقة بعصمة الأئمة - سلام الله عليهم - يستدعي أن يحظوا ويتمتعوا بمصادر غنية وشاملة من الأحكام والقوانين الإلهية خلال ثلاث قرون - أي: إلى نهاية الغيبة الصغرى سنة 329 ه - مما يبعث فيهم قوة على استنباط الأحكام الشرعية مصدرا وسعة وبناءا ومبنى في قبال العامة.
ومن هنا، فمن الراجح أن نعتبر مبدأ التدوين والتجميع، ومن ثم التبويب للقوانين الإلهية والترتيب هو أوائل الغيبة الكبرى، ولا ننسى ما لتدوين " كتاب الجامعة " المنسوب لأمير المؤمنين (عليه السلام)، وكتب الأصحاب، والأصول الأربعمائة لأصحاب الأئمة (عليهم السلام) من دور مهم ومقام في تدوين الفقه.
تدوين الفقه وتطوره:
كانت روية أصحاب الأئمة (عليهم السلام) أيام تشرفهم بمحضر الأئمة - سلام الله عليهم - وديدنهم خلال الغيبة الصغرى هو بيان نص كلماتهم (عليهم السلام) في جواب أسئلة السائلين، أو طرح الأبواب المتفرقة العملية، وكذا في مقام إرشاد الجاهلين، ومن ثم نجد أن هذه الروية سار عليها في زمن الغيبة الكبرى جل علماء الدين وفقهائهم - رضوان الله تعالى عليهم - مع فارق جمع تلك النصوص وتدوينها، حيث كانوا يقومون بذلك ويتلقونه كفريضة إلهية، حفظا له من الضياع والتلف أولا، وتسهيلا للعوام، كي يصلوا إلى ما يبتغونه من الأحكام من منابعها الأولية ثانيا.
وهذان الجانبان يظهران بكل وضوح من العناوين التي وصلتنا لأسماء الكتب والموسوعات المدونة إبان ذلك العصر.
فمثلا، شيخنا الصدوق - طاب ثراه - مع ما له من رسائل ومجاميع في تدوين