المشهورة: (علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع).. بتنزيه الطائفة من تهمة العجز والجمود، بإيكال رفع هذه النقيصة للأفراد الذين كانت لهم الجرأة الكافية مع الأهلية التامة من تجاوز قوالب الألفاظ إلى حاق المعاني من فقه الحديث الذي أولد لنا حديث (الفقه)..
فكان شيخنا الطوسي (رحمه الله) قد أبدى قابلية علمية رائعة في هذا المسير، مما خلق له هالة من التقديس والتبجيل في الأحقاب اللاحقة له، بحيث كمم الشفاه، احتراما وتقديسا.. إلى أن سطع في أفق المعرفة شخصية عظيمة، وعالم فطحل نقاد، ألا وهو: محمد بن إدريس الحلي - صاحب " السرائر " - المعروف ب: السيد اسما ووصفا، مقابل (الشيخ) مقاما ومنزلة، فكان أن بزغ في سماء الفقاهة، وبدأ بمعارضة شيخ الطائفة، فكسر طوق الجمود الحاصل بعد الشيخ (رحمه الله)، فكان أن صارت هناك أرضية لدخول الفقه في مرحلة جديدة.
والعلامة المميزة في هذه الدورة هي: تهذيب الفقه، وتنظيمه بعد تبويبه، لا ننسى ما لشيخنا المحقق الأول - صاحب " الشرائع " - من أياد بيضاء في هذا المجال، ومن بعده لابن أخته العلامة الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي، الذي كان له السهم الأوفى في تشييد أركان هذه المرحلة الفقهية، خاصة في جانب الفقه المقارن.
فالمدرسة التي أنشئت بواسطة المحقق، وتكاملت وتحكمت على يد العلامة، ربت في أحضانها شخصيات ثمينة من فقهاء الطائفة كان لكل واحد منهم دور كبير ومساع مشكورة في نمو الفقه الشيعي، بما كانت لهم من ملاحظات دقيقة وأدلة قويمة، كان للشهيد الأول محمد بن مكي - طاب ثراه - القدح الأوفى فيها.
وبمرور الأيام واستمرار الزمن بهذه الدورة ازداد غناؤها العلمي، وبرزت