ومن جانب ثالث، التعاليم التي تربط العبد بأعماله الفردية، وحركاته الخارجية، مما يجب أو لا يجب عليه في تعيين كيفية سيره العملي الخارجي.
وهذا القسم الأخير، عبر عنه علماء الإسلام وموضحوا الشريعة المقدسة ب: الفقه، إلا أن هذه الكلمة من الوجهة الشرعية - كتابا وسنة - تعطي مدلولا آخر غير التلقي العميق لجميع المقررات والمعارف الإلهية.
ولعله من هنا جاء ما تعارف عند القدماء من فقهاء الشيعة من طرح المسائل الاعتقادية والأصول الدينية في مدخل الرسائل العملية والكتب الفقهية، إلا أنه - وكما سنشير إليه - تدرجت هذه اللفظة، وتلبست بقالب جديد واصطلاح خاص، بحيث صارت تنظر إلى مجموعة مدونة من المقررات والقوانين الإلهية التي ترتبط بالأعمال الفردية، والسلوك الخارجي لكل مكلف في مسيره اليومي، مما يلزم أو لا يلزم عليه، سواء كان فرديا أو اجتماعيا.
وبتعبير عصري، إن علم الفقه يشمل جميع الحقوق الأساسية، الفردية منها والاجتماعية، الجزائية والمدنية، العائلية والسياسية، مما تكون له دائرة شمولية أوسع من المباحث التي تطرح اليوم تحت عنوان: (الحقوق).
عصر التشريع:
ومما لا شك ولا ريب فيه، أن المشرع الواقعي هو الله سبحانه وتعالى، وهو الأول والآخر، والظاهر والباطن، فمنه التشريع وإليه الشريعة، والتعبير عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بكونه شارعا إنما جاء في مقام الاحترام، إذ هو يمثل الامتداد الطبيعي لرسالة السماء: * (وما ينطق عن الهوى) * (1)، * (وما آتاكم الرسول