المسألة الأولى: احتج أصحابنا على أن الإيمان والإسلام لا يحصل إلا بخلق الله تعالى، ووجه الاستدلال به ظاهر. والمعتزلة يحملونه على فعل الألطاف والكلام عليه معلوم مما سبق.
المسألة الثانية: احتج القاضي بهذه الآية على أن الإيمان والإسلام واحد. فقال إنهم قالوا أولا * (آمنا بآيات ربنا) * ثم قالوا ثانيا: * (وتوفنا مسلمين) * فوجب أن يكون هذا الإسلام هو ذاك الإيمان، وذلك يدل على أن أحدهما هو الآخر. والله أعلم.
* (وقال الملا من قوم فرعون أتذر موسى وقومه ليفسدوا فى الارض ويذرك وءالهتك قال سنقتل أبنآءهم ونستحيى نسآءهم وإنا فوقهم قاهرون * قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا إن الأرض لله يورثها من يشآء من عباده والعاقبة للمتقين) *.
اعلم أن بعد وقوع هذه الواقعة لم يتعرض فرعون لموسى ولا أخذه ولا حبسه، بل خلى سبيله فقال قومه له: * (أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض) *.
واعلم أن فرعون كان كلما رأى موسى خافه أشد الخوف، فلهذا السبب لم يتعرض له إلا أن قومه لم يعرفوا ذلك، فحملوه على أخذه وحبسه. وقوله: * (ليفسدوا في الأرض) * أي يفسدوا على الناس دينهم الذي كانوا عليه، وإذا أفسدوا عليهم أديانهم توسلوا بذلك إلى أخذ الملك.
أما قوله: * (ويذرك) * فالقراءة المشهورة فيه * (ويذرك) * بالنصب. وذكر صاحب " الكشاف ": فيه ثلاثة أوجه: أحدها: أن يكون قوله: * (ويذرك) * عطفا على قوله: * (ليفسدوا) * لأنه إذا تركهم ولم يمنعهم، كان ذلك مؤديا إلى تركه وترك آلهته، فكأنه تركهم لذلك. وثانيها: أنه جواب للاستفهام بالواو، وكما يجاب بالفاء مثل قول الحطيئة: ألم أك جاركم ويكون بيني * وبينكم المودة والإخاء؟
والتقدير: أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض فيذرك وآلهتك. قال الزجاج: والمعنى