إذا نهى السفيه جرى إليه أي السفه وأنشد الفراء هم الملوك وأبناء الملوك هم والآخذون به والسادة الأول فقوله به: يريد بالملك ولكنه اكتفى عنه بذكر الملوك.
المسألة الثانية: هو في قوله: * (هو خيرا لهم) * تسميه البصريون فصلا، والكوفيون عمادا، وذلك لأنه لما ذكر " يبخلون " فهو بمنزلة ما إذا ذكر البخل، فكأنه قيل: ولا يحسبن الذين يبخلون البخل خيرا لهم، وتحقيق القول فيه أن للمبتدأ حقيقة، وللخبر حقيقة، وكون حقيقة المبتدأ موصوفا بحقيقة الخبر أمر زائد على حقيقة المبتدأ وحقيقة الخبر، فإذا كانت هذه الموصوفية أمرا زائدا على الذاتين فلا بد من صيغة ثالثة دالة على هذه الموصوفية وهي كلمة " هو ".
المسألة الثالثة: اعلم أن الآية دالة على ذم البخل بشيء من الخيرات والمنافع، وذلك الخير يحتمل أن يكون مالا، وأن يكون علما.
فالقول الأول: ان هذا الوعيد ورد على البخل بالمال، والمعنى: لا يتوهمن هؤلاء البخلاء أن بخلهم هو خير لهم، بل هو شر لهم، وذلك لأنه يبقى عقاب بخلهم عليهم، وهو المراد من قوله: * (سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة) * مع أنه لا تبقى تلك الأموال عليهم وهذا هو المراد بقوله: * (ولله ميراث السماوات والأرض) *.
والقول الثاني: أن المراد من هذا البخل: البخل بالعلم، وذلك لأن اليهود كانوا يكتمون نعت محمد صلى الله عليه وسلم وصفته، فكان ذلك الكتمان بخلا، يقال فلان يبخل بعلمه، ولا شك أن العلم فضل من الله تعالى قال الله تعالى: * (وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما) * (النساء: 113) ثم أنه تعالى علم اليهود والنصارى ما في التوراة والأنجيل، فإذا كتموا ما في هذين الكتابين من البشارة بمبعث محمد صلى الله عليه وسلم كان ذلك بخلا.
واعلم أن القول الأول أولى، ويدل عليه وجهان: الأول: أنه تعالى قال: * (سيطوقون ما بخلوا به) * ولو فسرنا الآية بالعلم احتجنا إلى تحمل المجاز في تفسير هذه الآية، ولو فسرناها بالمال لم نحتج إلى المجاز فكان هذا أولى. الثاني: أنا لو حملنا هذه الآية على المال كان ذلك ترغيبا في بذل المال في الجهاد فحينئذ يحصل لهذه الآية مع ما قبلها نظم حسن، ولو حملناها على أن اليهود كتموا ما عرفوه من التوراة انقطع النظم، إلا على سبيل التكلف، فكان الأول أولى. المسألة الرابعة: أكثر العلماء على أن البخل عبارة عن منع الواجب، وان منع التطوع