الوجود، والوجود من حيث هو وجود ماهية، فإذا نفيته فقد نفيت هذه الماهية المسماة بالوجود، فإذا عقل نفي هذه الماهية من حيث هي هي، فلم لا يعقل نفي تلك الماهية أيضا، فإذا عقل ذلك صح اجراء قولنا: لا إله إلا الله على ظاهره، من غير حاجة إلى الإضمار، فإن قلت: إنا إذا قلنا السواد ليس بموجود، فما نفيت الماهية وما نفيت الوجود، ولكن نفيت موصوفية الماهية بالوجود، قلت: فموصوفية الماهية بالوجود، هل هي أمر منفصل عن الماهية وعن الوجود أم لا، فإن كانت منفصلة عنهما كان نفيها نفيا لتلك الماهية، فالماهية من حيث هي هي أمكن نفيها، وحينئذ يعود التقريب المذكور، وإن لم تكن تلك الموصوفية أمرا منفصلا عنها استحال توجيه النفي إليها إلا بتوجيه النفي، إما إلى الماهية وإما إلى الوجود، وحينئذ يعود التقريب المذكور فثبت أن قولنا، لا إله إلا هو حق وصدق من غير حاجة إلى الإضمار البتة.
البحث الثاني: فيما يتعلق بهذه الكلمة أن تصور النفي متأخر عن تصور الإثبات، فإنك ما لم تتصور الوجود أولا، استحال أن تتصور العدم، فأنت لا تتصور من العدم إلا ارتفاع الوجود. فتصور الوجود غني عن تصور العدم، وتصور العدم مسبوق بتصور الوجود، فإن كان الأمر كذلك فما السبب في قلب هذه القضية في هذه الكلمة حتى قدمنا النفي وأخرنا الإثبات.
والجواب: أن الأمر في العقل على ما ذكرت، إلا أن تقديم النفي على الإثبات كان لغرض إثبات التوحيد ونفي الشركاء والأنداد.
البحث الثالث: في كلمة * (هو) * أعلم أن المباحث اللفظية المتعلقة بهو قد تقدمت في * (بسم الله الرحمن الرحيم) * أما الأسرار المعنوية فنقول، اعلم أن الألفاظ على نوعين: مظهرة ومضمرة: أما المظهرة فهي الألفاظ الدالة على الماهيات المخصوصة من حيث هي هي، كالسواد، والبياض، والحجر، والإنسان، وأما المضمرات فهي الألفاظ الدالة على شيء ما، هو المتكلم، والمخاطب، والغائب، من غير دلالة على ماهية ذلك المعين، وهي ثلاثة: أنا، وأنت، وهو، وأعرفها أنا، ثم أنت، ثم هو، والدليل على صحة هذا الترتيب أن تصوري لنفسي من حيث أني أنا مما لا يتطرق إليه الاشتباه، فإنه من المستحيل أن أصير مشتبها بغيري، أو يشتبه بي غيري، بخلاف أنت، فإنك قد تشتبه بغيرك، وغيرك يشتبه بك في عقلي وظني، وأيضا فأنت أعرف من هو، فالحاصل أن أشد المضمرات عرفانا * (أنا) * وأشدها بعدا عن العرفان. (هو) وأما (أنت) فكالمتوسط بينهما، والتأمل التام يكشف عن صدق هذه القضية، ومما يدل على أن أعرف الضمائر قولا قولي (أنا) أن