يكون مقلدا فيه، لا سيما وأن أبا الريحان وهو أستاذ هذه الصناعة ذكر في تلخيصه لفصول الفرغاني أن اختلاف المنظر لا يحس به إلا في القمر. الثالث: قال بطليموس: إن زحل والمشتري والمريخ تبعد عن الشمس في جميع الأبعاد، وأما عطارد والزهرة فإنهما لا يبعدان عن الشمس بعد التسديس فضلا عن سائر الأبعاد، فوجب كون الشمس متوسطة بين القسمين، وهذا الدليل ضعيف، فإنه منقوض بالقمر، فإنه يبعد عن الشمس كل الأبعاد، مع أنه تحت الكل.
البحث الثاني: في أعداد الأفلاك، قالوا إنها تسعة فقط، والحق أن الرصد لما دل على هذه التسعة أثبتناها، فأما ما عداها، فلما لم يدل الرصد عليه، لا جرم ما جزمنا بثبوتها ولا بانتفائها، وذكر ابن سينا في الشفاء: أنه لم يتبين لي إلى الآن أن كرة الثوابت كرة واحدة، أو كرات منطبق بعضها على بعض، وأقول: هذا الإحتمال واقع، لأن الذي يمكن أن يستدل به على وحدة كرة الثوابت ليس إلا أن يقال: إن حركاتها متساوية، وإذا كان كذلك وجب كونها مركوزة في كرة واحدة، والمقدمتان ضعيفتان. أما المقدمة الأولى: فلأن حركاتها وإن كانت في حواسنا متشابهة، لكنها في الحقيقة لعلها ليست كذلك، لأنا لو قدرنا أن الواحد منها يتم الدور في ستة وثلاثين ألف سنة، والآخر يتم هذا الدور في مثل هذا الزمان لكن ينقصان عاشرة، إذا وزعنا تلك العاشرة على أيام ستة وثلاثين ألف سنة، لا شك أن حصة كل يوم، بل كل سنة، بل كل ألف سنة مما لا يصير محسوسا، وإذا كان كذلك سقط القطع بتشابه حركات الثوابت.
وأما المقدمة الثانية: وهي أنها لما تشابهت في حركاتها وجب كونها مركوزة في كرة واحدة وهي أيضا ليست يقينية، فإن الأشياء المختلفة لا يستبعد اشتراكها في لازم واحد، بل أقول هذا الاحتمال الذي ذكره ابن سينا في كرة الثوابت قائم في جميع الكرات، لأن الطريق إلى وحدة كل كرة ليس إلا ما ذكرناه وزيفناه، فإذن لا يمكن الجزم بوحدة الكرة المتحركة اليومية فلعلها كرات كثيرة مختلفة في مقادير حركاتها بمقدار قليل جدا لا تفي بضبط ذلك التفاوت أعمارنا، وكذلك القول في جميع الممثلات والحوامل.
ومن الناس من أثبت كرة فوق كرة الثوابت، وتحت الفلك الأعظم، واحتجوا من وجوه. الأول: أن الراصدين للميل الأعظم وجدوه مختلف المقدار، وكل من كان رصده أقدم كان وجدان الميل الأعظم أعظم، فإن بطليموس وجده. (كج نا) ثم وجد في زمان المأمون (كج له)