ضعيف لأنه مجاز والعدول إلى المجاز لا يمكن إلا بعد تعذر الحقيقة.
قوله تعالى * (الذين إذآ أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنآ إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون) * اعلم أنه تعالى لما قال: * (وبشر الصابرين) * (البقرة: 155) بين في هذه الآية أن الإنسان كيف يكون صابرا، وأن تلك البشارة كيف هي؟ ثم في الآية مسائل:
المسألة الأولى: اعلم أن هذه المصائب قد تكون من فعل الله تعالى وقد تكون من فعل العبد، أما الخوف الذي يكون من الله فمثل الخوف من الغرق والحرق والصاعقة وغيرها، والذي من فعل العبد، فهو أن العرب كانوا مجتمعين على عداوة النبي صلى الله عليه وسلم، وأما الجوع فلأجل الفقر، وقد يكون الفقر من الله بأن يتلف أموالهم، وقد يكون من العبد بأن يغلبوا عليه فيتلفوه، ونقص الأموال من الله تعالى إنما يكون بالجوائح التي تصيب الأموال والثمرات، ومن العدو إنما يكون لأن القوم لاشتغالهم لا يتفرغون لعمارة الأراضي، ونقص الأنفس من الله بالإماتة ومن العباد بالقتل. المسألة الثانية: قال القاضي: إنه تعالى لم يضف هذه المصيبة إلى نفسه بل عمم وقال: * (الذين إذا أصابتهم مصيبة) * فالظاهر أنه يدخل تحتها كل مضرة ينالها من قبل الله تعالى، وينالها من قبل العباد، لأن في الوجهين جميعا عليه تكليفا، وإن عدل عنه إلى خلافه كان تاركا للتمسك بأدائه فالذي يناله من قبله تعالى يجب أن يعتقد فيه أنه حكمة وصواب وعدل وخير وصلاح وأن الواجب عليه الرضا به وترك الجزع وكل ذلك داخل تحت قوله: * (إنا لله) * لأن في إقرارهم بالعبودية تفويض الأمور إليه والرضا بقضائه فيما يبتليهم به، لأنه لا يقضي إلا بالحق كما قال تعالى: * (والله يقضي بالحق والدين يدعون من دونه لا يقضون بشيء) * (غافر: 20) أما إذا نزلت به المصيبة من غيره فتكليفه أن يرجع إلى الله تعالى في الانتصاف منه وأن يكظم غيظه وغضبه فلا يتعدى إلى ما لا يحل له من شفعاء غيظه، ويدخل أيضا تحت قوله: * (إنا لله) * لأنه الذي ألزمه سلوك هذه الطريقة حتى لا يجاوز أمره كأنه يقول في الأول، إنا الله يدبر فينا كيف يشاء، وفي الثاني يقول: إنا لله ينتصف لنا كيف يشاء.