المتعلقات، فإن علمه متعلق بجميع المعلومات وقدرته متعلقة بجميع المقدورات، بل له في كل واحد من المعلومات الغير المتناهية معلومات غير متناهية لأنه يعلم في ذلك الجوهر الفرد أنه كيف كان ويكون حاله بحسب كل واحد من الأحياز المتناهية وبحسب كل واحد من الصفات المتناهية فهو سبحانه واحد في صفاته من هذه الجهة. ورابعها: أنه سبحانه ليست موصوفية ذاته بتلك الصفات بمعنى كونها حالة في ذاته وكون ذاته محلا لها، ولا أيضا بحسب كون ذاته مستكملة بها لأنا بينا أن الذات كالمبدأ لتلك الصفات فلو كانت الذات مستكملة بالصفات لكان المبدأ ناقصا لذاته مستكملا بالممكن لذاته وهو محال، بل ذاته مستكملة لذاته ومن لوازم ذلك الإستكمال الذاتي تحقق صفات الكمال معه إلا أن التقسيم يعود في نفس الإستكمال فينتهي إلى حيث تقصر العبارة عن الوفاء به. خامسها: أنه لا خبر عند العقول من كنه صفاته كما لا خبر عندها من كنه ذاته، وذلك لأنا لا نعرف من علمه إلا أنه الأمر الذي لأجله ظهر الإحكام والإتقان في عالم المخلوقات، فالمعلوم من علمه أنه أمر ما لا ندري أنه ما هو ولكن نعلم منه أنه يلزمه هذا الأثر المحسوس، وكذا القول في كونه قادرا وحيا، فسبحان من ردع بنور عزته أنوار العقول والأفهام، وأما إنه سبحانه وتعالى واحد في أفعاله فالأمر ظاهر لأن الموجود إما واجب وإما ممكن، فالواجب هو هو، والممكن ما عداه وكل ما كان ممكنا فإنه يجوز أن لا يوجد ما لم يتصل بالواجب ولا يختلف هذا الحكم باختلاف أقسام الممكنات سواء كان ملكا أو ملكا أو كان فعلا للعباد أو كان غير ذلك فثبت أن كل ما عداه فهو ملكه وملكه وتحت تصرفه وقهره وقدرته واستيلائه، وعند هذا تدرك شمة من روائح أسرار قضائه وقدره، ويلوح لك شيء من حقائق قوله: * (إنا كل شيء خلقناه بقدر) * (القمر: 49) وتعرف أن الموجود ليس البتة إلا ما هو هو، وما هو له وإذا وقعت سفينة الفكرة في هذه اللجة، فلو سارت إلى الأبد لم تقف، لأن السير إنما يكون من شيء إلى شيء، فالشئ الأول متروك، والشيء الثاني مطلوب وهما متغايران، فأنت بعد خارج عن عالم الفردانية والوحدانية، فأما إذا وصلت إلى برزخ عالم الحدوث والقدم، فهناك تنقطع الحركات، وتضمحل العلامات والأمارات، ولم يبق في العقول والألباب إلا مجرد أنه هو، فيا هو ويا من لا هو إلا هو أحسن إلى عبدك الضعيف، فإن عبدك بفنائك ومسكينك ببابك.
المسألة السادسة: إن قيل: ما معنى إضافته بقوله: * (وإلهكم) * وهل تصح هذه الإضافة في كل الخلق أو لا تصح إلا في المكلف؟ قلنا: لما كان الإله هو يستحق أن