صنعت الشمس والقمر وحففتها بسبعة أملاك حفا وباركت لأهلها في اللحم واللبن. وفي الصفح الثاني: أنا الله ذو بكة خلقت الرحم وشققت لها اسما من اسمي من وصلها وصلته ومن قطعها قطعته. وفي الثالث: أنا الله ذو بكة خلقت الخير والشر، فطوبى لمن كان الخير على يديه وويل لمن كان الشر على يديه.
المسألة الخامسة: في فضائل الحجر والمقام، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال عليه السلام: " الركن والمقام ياقوتتان من يواقيت الجنة طمس الله نورهما ولولا ذلك لأضاءا ما بين المشرق والمغرب وما مسهما ذو عاهة ولا سقيم إلا شفي " وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال عليه السلام: " إنه كان أشد بياضا من الثلج فسودته خطايا أهل الشرك "، وعن ابن عباس قال عليه السلام: " ليأتين هذا الحجر يوم القيامة له عينان يبصر بهما ولسان ينطق به، يشهد على من استلمه بحق ". وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه انتهى إلى الحجر الأسود فقال: إني لأقبلك وإني لأعلم أنك حجر، لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك. أخرجاه في الصحيح.
أما قوله تعالى: * (وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل) * فالأولى أن يراد به ألزمناهما ذلك وأمرناهما أمرا وثقنا عليهما فيه وقد تقدم من قبل معنى العهد والميثاق. أما قوله: * (أن طهرا بيتي) * فيجب أن يراد به التطهير من كل أمر لا يليق بالبيت، فإذا كان موضع البيت وحواليه مصلى وجب تطهيره من الأنجاس والأقذار، وإذا كان موضع العبادة والإخلاص لله تعالى: وجب تطهيره من الشرك وعبادة غير الله. وكل ذلك داخل تحت الكلام ثم إن المفسرين ذكروا وجوها. أحدها: أن معنى: * (طهرا بيتي) * ابنياه وطهراه من الشرك وأسساه على التقوى، كقوله تعالى: * (أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله) * (التوبة: 109). وثانيها: عرفا الناس أن بيتي طهرة لهم متى حجوه وزاروه وأقاموا به، ومجازه: اجعلاه طاهرا عندهم، كما يقال: الشافعي رضي الله عنه يطهر هذا، وأبو حنيفة ينجسه. وثالثها: ابنياه ولا تدعا أحدا من أهل الريب والشرك يزاحم الطائفين فيه، بل أقراه على طهارته من أهل الكفر والريب، كما يقال: طهر الله الأرض من فلان، وهذه التأويلات مبنية على أنه لم يكن هناك ما يوجب إيقاع تطهيره من الأوثان والشرك، وهو كقوله تعالى: * (ولهم فيها أزواج مطهرة) * (البقرة: 25) فمعلوم أنهن لم يطهرن من نجس بل خلقن طاهرات، وكذا البيت المأمور بتطهيره خلق طاهرا، والله أعلم. ورابعها: معناه نظفا بيتي من الأوثان والشرك والمعاصي، ليقتدي الناس بكما في ذلك. وخامسها: قال بعضهم: